للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكحول أنه قال: الخمس بمنزلة الفيء، يُعطى منه الفقير والغني (١) . وقال بعض أصحاب الشافعي (٢) : لا

حظَّ فيه لغنيٍّ.


= القربى في قسمة سهمهم عليهم، بخلاف اليتامى، فيخص الفقراء منهم عند الشافعي، وأحمد، وعن مالك: يعمهم في الإعطاء، وعن أبي حنيفة: يخص الفقراء من الصنفين، وحجة الشافعي: أنهم لما مُنِعُوا الزكاة، عُمُّوا بالسهم، ولأنهم أعطوا بجهة القرابة إكراماً لهم، بخلاف اليتامى؛ فإنهم أُعطوا لسدّ الخُلَّة» .
(١) رواه أبو عبيد في «الأموال» (٤٠٢ رقم ٨١٧) ؛ من طريق محمد بن راشد، عنه.
ونقله عنه ابن المنذر في «الأوسط» (١١/١٠٦) .
وانظر: «أحكام القرآن» للجصاص (٣/٦٤) ، «الفيء والغنيمة» (ص ٩٣) .
(٢) وهم العراقيون من أصحاب الشافعي -رحمه الله- نقل ذلك ابن المنذر في «الأوسط» (١١/١٠٦) ، ونص عبارته:
«وقال بعض أصحابه من أهل العراق: الفيء لمن سَمَّى الله في كتابه لرسوله، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، ولم يجعل فيه حظاً لغني لقوله: {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ} [الحشر: ٧] ، ولقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} إلى قوله: {الصَّادِقُونَ} الآية [الحشر: ٨] ، فكان بنو هاشم، وبنو المطلب قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جعل لهم هذا الفيء الذي خصهم به مطعماً، ومنعهم الصدقة التي هي أوساخ الناس، فجعل لهم الفيء الذي رضيه لنبيه وأكرمه به، ومنعه الصدقة التي هي ذلة ومسكنة، يضرع لها السائل، ويعلو بها المعطي» .
قال: «وقال الشافعي: سهم ذي القربى: الغني منهم والفقير، ولم يزعم ذلك إلى الأصناف الباقية من اليتامى، وابن السبيل، فزعم أبو عبد الله أن القرآن على ظاهره يحكم لقربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لغنيهم، ولفقيرهم بخمس الخمس، وقال: ولهم بظاهر الآية، ثم قال: ليس لليتامى، ولا لابن السبيل فيها حق، إلا أن يكونوا فقراء مساكين، فنقض أصله، وترك مذهبه» .
ثم قال ابن المنذر: «وهذا غير لازم للشافعي؛ لأن الشافعي حكم لذي القربى، لغنيهم، وفقيرهم، بظاهر الآية. وبأن العباس بن عبد المطلب أعطي منه وهو كثير المال، ومنع عثمان، وجبير، حيث طلبا أن يعطيا من الخمس، ليس من جهة غناهما، إذ لو كان منعهما من جهة غناهما لأشبه أن يقول: لا يحل لكما ذلك لأنكما غنيان، إذ لا حظ فيها لغني، كما قال للرجلين اللذين سألاه الصدقة، ولو اختلف أهل العلم في اليتيم الغني، وابن السبيل الغني، لأجاب فيما يعطي كل واحد منهما بما أجاب به في سهم ذي القربى، ولكن الإجماع لما منع من إعطاء اليتيم الغني، وابن السبيل الغني، منع أن يعطيان لمنع الإجماع منه. ولم يمنع الإجماع من إعطاء أغنياء القرابة، فمنعهم لعلة الإجماع، ولكنه =

<<  <   >  >>