وذكر ابن حزم في «المحلَّى» (٧/٣٤٥ المسألة رقم ٩٥٨) ، مذهب أبي حنيفة هذا، وعزاه له وللإمام مالك -رحمهما الله-، وقد عرفت أن في مذهب أبي حنيفة فقط التفريق بين العرب والعجم. وردَّه -رحمه الله- وهوالأرجح؛ لأن الله -تعالى- لم يخصَّ عربياً من عجميّ في كلا الحكمين: الإسلام أو الجزية. وانظر: «مجموع الفتاوى» (١٩/٢١-٢٢) . (١) في كتابه «الأموال» (ص ٣٩) ، ونقله عنه -مختصراً- الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٦/ ٢٦٠) ، قال أبو عبيد: «فعلى هذا تتابعت الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخلفاء بعده في العرب من أهل الشرك: أن من كان منهم ليس من أهل الكتاب، فإنه لا يقبل منه إلا الإسلام أو القتل، كما قال الحسن. وأما العجم فتقبل منهم الجزية، وإن لم يكونوا أهل كتاب؛ للسنة التي جاءت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المجوس، وليسوا بأهل كتاب، وقبلت بعده من الصابئين، فَأَمْرُ المسلمين على هذين الحكمين من العرب والعجم، وبذلك جاء التأويل -أيضاً- مع السنة» . انتهى كلامه رحمه الله. وقول الحسن الذي أشار إليه أبو عبيد، رواه قبل كلامه هذا بقليل. فقد أخرج برقم (٦٢) بسنده إلى الحسن قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقاتل العرب على الإسلام، ولا يقبل منهم غيره، وأمر أن يقاتل أهل الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون. ثم قال أبو عبيد: وإنما نرى الحسن أراد بالعرب ههنا أهل الأوثان منهم، الذين ليسوا بأهل كتاب، فأمَّا من كان من أهل الكتاب فقد قبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم، وذلك بيِّنٌ في أحاديث، ثم ذكر جملةً منها. (٢) لعله ابن وهب كما أشرنا إليه آنفاً، بل صرَّح بذكره ابن عبد البر في «التمهيد» (٢/١٢٣) . وانظر: «النوادر والزيادات» (٣/٤٤) . (٣) وإليه ذهب ابن حزم في «المحلى» (٧/٣١٦) ، والشافعي في قول، كما في «المهذب» (٢/٢٥٠) ، و «المسائل الفقهية التي انفرد بها الشافعي» لابن كثير (ص ١٩٣) .