للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول: في أحكام المرتدين

قال الله -عز وجل-: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٢١٧] .

ففيه دليل على وجوب قتلهم، ورفع احترام ما كان أوجبه الإيمان لهم. وثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من بدَّل دينه فاقتلوه» (١) .

خرَّج البخاري، عن عكرمة، أن عليًّا حرَّق قوماً، فبلغ ابنَ عباس، فقال: لو كنت أنا، لم أُحرِّقْهُم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تعذبوا بعذاب الله» ، ولقتلتهم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من بدَّل دينه فاقتلوه» (٢) .

وخرَّجه الترمذي (٣) ، وقال فيه: إن عليّاً حرَّق قوماً ارتدوا عن الإسلام ... بمثله (٤) . وزاد في آخره: فبلغ ذلك عليّاً، فقال: صدق ابن عباس.

وهو إجماع المسلمين: أن الرجل البالغ العاقل، إذا كان ممن اتصف بالإيمان، ثم ارتدَّ مختاراً، غير مكره، فاستُتيب فلم يتب، واسْتُؤْنِيَ به فلم يُقْلع؛ أنه مباح الدم (٥) .


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب لا يعذَّب بعذاب الله) (رقم ٣٠١٧) . وفي كتاب استتابة المرتدين (باب حكم المرتد والمرتدة) (رقم ٦٩٢٢) .
(٢) هو الحديث السابق.
(٣) في «جامعه» . أبواب الحدود (باب ما جاء في المرتد) (رقم ١٤٥٨) .
وقال فيه الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(٤) وفي «صحيح البخاري» (رقم ٦٩٢٢) : أتي علي -رضي الله عنه- بزنادقة ... الحديث.
(٥) قال ابن حزم في «مراتب الإجماع» (١٤٦) : واتفقوا أنَّ من كان رجلاً، مسلماً، حُرًّا، باختياره، وبإسلام أبويه كليهما، أو تمادى على الإسلام بعد بلوغه ذلك، ثم ارتدَّ إلى دين كفر، كتابي أو غيره، وأعلن ردَّته، واستتيب في ثلاثين يوماً مئة مرة، فتمادى على كفره، وهو عاقل غير سكران، أنه قد حلَّ دمه، إلا شيئاً رويناه عن عمر، وعن سفيان، وعن إبراهيم النخعي أنه يستتاب أبداً.

<<  <   >  >>