للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه المسلمون.

وفيه قول ثالث يعزى إلى عطاء -أيضاً-: أنه إن كان مسلماً ممن ولد في الإسلام ثم ارتد؛ قتل ولم يستتب، وإن كان مشركاً، ثم أسلم، ثم ارتد، استتيب (١) .

فدليل من رأى استتابته، ولم يَرَ قتله بمجرَّد الرِّدة: قوله -تعالى-: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: ١٥] مع ما دلَّ عليه مفهوم الخبر، وأنّ القتل إنما وجب بحال، فإذا تاب وراجع الإسلام؛ ارتفع حكم القتل، كالكافر الأصلي، وقول الله -تعالى-: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] ، وهو يَعُمُّ

كلَّ كافر كان منه إيمان قبل ذلك، أو لم يكن.

ودليل من أوجب القتل بنفس الارتداد: ظاهر الخبر في تعليق حكم القتل على وجود الردة، فإذا وجب القتل؛ لم يندفع إلا بحكم الشرع وتوقيفه في ذلك.

خرَّج مسلم (٢) ، عن أبي موسى، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر حديثاً طويلاً في كراهية طلب العمل، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا نسْتعمل على عملنا مَنْ أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى -أو يا عبد الله بن قيس-، فبعثه إلى (٣) اليمن، ثم أتبعه معاذ ابن جبل، فلمّا قدم عليه، قال: إنزل، وألقى له وسادة، وإذا رجل عنده موثوق (٤) ،


(١) قال ابن المنذر في «الإشراف» (٢/٢٣٨) بعد ذكره هذا القول عن عطاء، قال: والرواية الأولى عن عطاء أثبت. ونقله عنه الشاشي في «حلية العلماء» (٧/٦٢٥) .
قلت: وهو القول الأول الذي ذكره المصنّف.
(٢) في «صحيحه» في كتاب الإمارة (باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها) (٣/ ١٤٥٦- ط. عبد الباقي) ، أو (١٨٢٤) (١٥) .
وأخرجه البخاري في «صحيحه» في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم) (باب حكم المرتد والمرتدة) (رقم ٦٩٢٣) ، وأخرجه في عدة مواطن (٢٢٦١، ٣٠٣٨، ٤٣٤١، ٤٣٤٣، ٤٣٤٤، ٦١٢٤، ٧١٤٩، ٧١٥٦، ٧١٥٧، ٧١٧٢) .
(٣) في الأصل المنسوخ: «إلى» ، وفي مطبوع «صحيح مسلم» : «على» .
(٤) في هامش المنسوخ: «كذا الأصل، والوجه: موثق» . قلت: وهو الموافق لما في «الصحيح» .

<<  <   >  >>