للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على وجل كبير من أن يغرم ويفقد أمواله أو جلها؛ بل خطورتها أشد من المقامر الذي قد لا يقامر إلا في القليل من ماله.

- ومنها أن الغش والتغرير ونشر الأخبار الكاذبة والمخادعة صار وسيلة معتادة عند كثير من المتعاملين.

- أن المضاربة لا تعدو أن تكون تدويرا للأموال ومحلا للإتجار بها، وهذا يخالف ما قصدت به الأثمان (١)، وأبعدت عن مجال استخدامها الصحيح في تنمية اقتصاد البلد وتنويع موارده ودعم برامجه، وتنويع مصادر دخله وتعدد وسائل الإنتاج؛ فضلا عن تأثيراتها الاجتماعية من تفاقُم حالة البطالة حينما حجبت هذه الأموال عن مشاريع منتجة تستوعب أعدادا كبيرة في العمل فيها، وإعالة أسرهم وسد فاقتهم، مع ما ترتب عليها من خلل عندما ذهب كثير من صغار المستثمرين ضحية تلك المضاربات فأغرقتهم الديون وأثقلت كاهلهم بعد أن استنزفت سائر ممتلكاتهم .... مع تأثيراتها النفسية والصحية الحادة والمؤلمة على الكثير؛ فضلا عن تأثيراتها الشرعية من الإخلال بكثير من الشعائر، والواقع شاهد على ذلك.


(١) قال ابن القيم في إعلام الموقعين ٢/ ١٣٧: (فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات، والثمن هو المعيار الذي به يُعْرَفُ تقويمُ الأموال؛ فيجب أن يكون محدودا مضبوطا لا يرتفع ولا ينخفض؛ إذ لو كان الثمنُ يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات؛ بل الجميع سلع، وحاجة الناس إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورة عامة، وذلك لا يمكن إلا بسعر تعرف به القيمة، وذلك لا يكون إلا بثمن تقوم به الأشياء، ويستمر على حالة واحدة، ولا يقوم هو بغيره؛ إذ يصير سلعة يرتفع وينخفض، فتفسد معاملات الناس، ويقع الخلف، ويشتد الضرر، كما رأيت من فساد معاملاتهم والضرر اللاحق بهم حين اتخذت الفلوس سلعة تعد للربح فعم الضرر وحصل الظلم، ولو جعلت ثمنا واحدا لا يزداد ولا ينقص بل تقوم به الأشياء ولا تقوم هي بغيرها لصلح أمر الناس). وانظر: إحياء علوم الدين، للغزالي ٤/ ٩٤.

<<  <   >  >>