للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لاسيما وقد اقترن به ما يدل على الفساد، وهو عدم ثبوت الملك ووجوب الرد، كما تقدم في الآيات السابقة.

قال القرطبي: التاسعة عشر: عقد الربا مفسوخ، لا يجوز بحال؛ لما رواه الأئمة، واللفظ لمسلم عن أبي سعيد قال: جاء بلال بتمر بَرْنِيٍّ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أين هذا؟» فقال بلال: تمرٌ كان عندنا رديء فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال رسول الله عند ذلك: «أوه، عين الربا لا تفعل ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر ثم اشتر به». وفي رواية: «هذا الربا فردوه ثم بيعوا تمرنا واشتروا لنا من هذا».

قال علماؤنا: فقوله: «أوه عين الربا»، أي: هو الربا المحرم نفسه، لا ما يشبه، وقوله: «فردوه» يدل على وجوب فسخ صفقة الربا، وأنها لا تصح بوجه، وهو قول الجمهور (١).

وقال ابن حجر معلقًا على حديث: «من عمل عملا ليس علينا أمرنا فهو رد» .... قال: "وفيه رد المحدثات وأن النهي يقتضي الفساد؛ لأن المنهيَّات كلها ليست من أمر الدين فيجب ردها" (٢).

قال في اللمع: (فصل: والنهي يدل على فساد المنهي عنه في قول أكثر أصحابنا) (٣).

الوجه الثاني:

أنه قد اختل شرط من شروط صحة العقد؛ وهو أن يكون المعقود عليه مباحا؛ وهو ما يعبر عنه الفقهاء: "أن تكون العين المعقود عليها أو على منفعتها مباحة النفع مع غير حاجة"، والربا محرم بالإجماع، وأدلة تحريمه من الكتاب والسنة صريحة قطعية متواترة، والشركات التي تودع


(١) تفسير القرطبي ٣/ ٣٥٨.
(٢) الفتح: ٥/ ٣٠٣.
(٣) ١/ ٢٥. وانظر: المستصفى ١/ ٢٢١، وتحقيق المراد ١/ ٧٤، ٩١ - ٩٢.

<<  <   >  >>