ويذكر عن الشيخ ابن سعدي رحمه الله وهو شيخ الشيخ ابن عثيمين أنه إذا سافر مع الطلبة يجهز لهم الإفطار، والقهوة فيرفضون ذلك فيقول لهم: ألست أنا الأمير؟ فيقولون: بلى، فيقول: آمركم أن تجلسوا.
وأحد الفضلاء بمرتبة وزير سافر معه أحد الأشخاص إلى دولة روسيا لمهمة يقول المرافق: كنا نجهز الطعام سويا ونذهب لشراء الطعام سويا ويرفض أن أذهب لوحدي فقط، وكان من عادته أنه لا يتعشى فلا ينام حتى يطمئن أني تعشيت وأنا شاب وهو كبير، وفي مرتبة وزير، ولكن التواضع منحة من الله قل وجودها، وندر من أبحر بها في زمن المناصب والرئاسة فكيف بالأقران سنا ورتبة؟! فالمشتكي إلى الله من أولئك المتعالين.
وكان العوام من أهل عنيزة يحبون السفر مع الشيخ ابن سعدي لمكة والرياض لشدة تواضعه وحلمه ومؤانسته لهم في السفر فرحمه الله رحمة واسعة.
ولا ينبغي للإنسان أن يكون متميزا في السفر عن إخوانه فلا يشاركهم في ما يحتاجون، ورد في السير أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خرج مع أصحابه في سفر فأمر بإصلاح شاة فقال أحدهم: علي ذبحها، وقال آخر: علي سلخها، وقال آخر: علي طبخها، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «علي جمع الحطب»، فقالوا: يا رسول الله نكفيك فقال: «أعرف ذلك ولكني لا أحب أن أتميز عليكم فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزا على أصحابه»(١). فلا يكون الإنسان كلا على الآخرين.