للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{عليماً} خبر كان والعليم اسم من أسماء الله على وزن فعيل صفة مشبهة أو صيغة مبالغة، يدل على إثبات صفة العلم التام لله عز وجل.

والعلم هو إدراك الأشياء على ما هي عليه إدراكاً جازماً. وعلم الله عز وجل شامل للأشياء كلها في أطوارها الثلاثة: قبل الوجود، وبعد الوجود، وبعد العدم. قال موسى عليه السلام لما سئل عن القرون الأولى: ... {عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى} (١).

والمعنى: أنه عز وجل لم يزل عليماً بالذي يفعلون من خير قبل فعله وبعده، وسيجازيهم عليه أوفر الجزاء، كما قال عز وجل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (٢).

أي حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم بعد وقوع ذلك منكم، لنرتب عليه الجزاء، وإلا فهو سبحانه عالم قبل ابتلائهم ماذا سيحصل منهم.

وفي هذا حث وتهييج على فعل الخير وامتثال الأمر (٣)، وأنه لا يضيع عند الله أي خير فعلوه، كما قال تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (٤).

[الفوائد والأحكام]

١ - مشروعية السؤال عما يعني الإنسان في أمر دينه، وقد يكون ذلك واجباً، وقد يكون مندوباً حسب حكم المسؤول عنه، لقوله: {يستفتونك} فذكر الله عز وجل هذا على سبيل التقدير لهم، وأفتاهم عما سألوا. وقد قال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أهل الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٥).


(١) سورة طه، آية: ٥٢.
(٢) سورة محمد، آية:٣١.
(٣) انظر «جامع البيان» ٩/ ٢٦٧، «تفسير ابن كثير» ٢/ ٣٧٧.
(٤) سورة الزلزلة، الآيتان٧ - ٨.
(٥) سورة النحل، آية:٤٣، سورة الأنبياء، آية:٧.

<<  <   >  >>