للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن الموت يأخذ كل حي ... بلا شك وإن أمشى وعالا

أي: وان كثرت ماشيته وعياله.

وهذا القول ضعيف من وجوه ثلاثة: الأول نت حيث اللغة، لأنه لو أراد كثرة الأولاد والافتقار لقال: تعيلوا. الثاني: من حيث المعنى، لأن كثرة العيال وكثرة النفقة تحصل بالتسري، كما تحصل بالزوجات (١). الثالث: من حيث منافاة هذا القول لمقصود الشرع، لأن الشرع أمر بتكثير النسل، قال - صلى الله عليه وسلم -: «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (٣): «وظن طائفة من العلماء أن المراد ألا تكثر عيالكم. وغلّط أكثر العلماء من قال ذلك لفظاً ومعنى، أما اللفظ: فلأنه يقال عال يعول إذا جار، وعال يعيل إذا افتقر، وأعال يعيل إذا كثر عياله. وهو سبحانه قال (تعولوا) ولم يقل: تعيلوا. وأما المعنى: فإن كثره النفقة والعيال يحصل بالتسري، كما يحصل بالزوجات ..».

قال ابن القيم رحمه الله (٤) «يتعين القول الأول من وجوه»، وذكر رحمه الله عشرة أوجه في هذا: منها أنه المعروف في اللغة، الذي لا يكاد يعرف سواه، ولا يعرف عال يعول إذا كثر عياله إلا في حكاية الكسائي، وسائر أهل اللغة على خلافه، ومنها أن الأحاديث الواردة في استحباب تزوج الودود الولود، وأنه - صلى الله عليه وسلم - يكاثر بأمته الأمم يوم القيامة ترد هذا التفسير، ومنها أن سياق الآية إنما هو في نقلهم مما يخافون


(١) انظر «معاني القرآن وإعرابه» للزجاج٢/ ٧، «الكشاف» ١/ ٢٤٥ «تفسير ابن كثير» ٢/ ١٨٤.
(٢) سيأتي تخرجه ص٤٩.
(٣) في «مجموع الفتاوى» ٣٢/ ٧٠ - ٧١ وانظر «أحكام القرآن» لابن العربي١/ ٣١٥.
(٤) في «تحفه الودود» ص١٩ - ٢٠، وانظر «بدائع التفسير» ٢/ ٨ - ١٠، وانظر «أحكام القرآن» لابن العربي ١/ ٣١٥ وقد ذكر الرازي مجمل الوجوه الثلاثة التي ذكرها أهل العلم لتضعيف قول الشافعي، وأجاب عنها بما لا طائل تحته. انظر «التفسير الكبير» ٩/ ١٤٤ - ١٤٦.

<<  <   >  >>