للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الراعي يمدح عبد الملك بن مروان ويشكو إليه سعاته:

أما الفقير الذي كانت حلوبته ... وفق العيال فلم يترك له سبد (١)

فليأكل: اللام لام الأمر، وهو للإباحة، لأنه أمر بعد حظر، فبعد أن نهى عن أكل أموال اليتامى قال: {وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأكل بِالْمَعْرُوفِ} والأمر بعد الحظر يفيد الإباحة، أو يعود لما كان عليه الحال قبل النهي وهو الإباحة هنا كقوله تعالى: {وَإذا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (٢) فالأمر بالاصطياد هنا للإباحة، لأنه جاء بعد الحظر في قوله قبل هذا {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمُ} (٣).

بالمعروف: أي: فليأكل أكلاً بالمعروف.

والمعروف ما جرى به العرف أن يأكل الولي الفقير من مال السفيه أكل مثله من الفقراء، سواء كان المولَّى عليه غنيًّا أو فقيراً.

قالت عائشة رضي الله عنها: «نزلت هذه الآية في والي اليتيم {وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأكل بِالْمَعْرُوفِ} بقدر قيامه عليه» (٤).

قوله تعالى: {فَإذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أموالهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}.

الفاء: عاطفة.

وإذا: ظرفية شرطية غار جازمة.

«دفعتم» فعل الشرط.

أي: إذا أعطيتم أيها الوصياء، أو الأولياء من تحت ولايتكم من اليتامى وغيرهم أموالهم ورددتموها إليهم بدون ممانعة منكم أو مماطلة، وبدون تكليفهم


(١) «اللسان» مادة «فقر».
(٢) سورة المائدة، آية: ٢.
(٣) سورة المائدة، آية: ١.
(٤) أخرجه البخاري في التفسير٤٥٧٥، ومسلم في التفسير٣٠١٩، وانظر «تفسير ابن كثير» ٢/ ١٨٨ - ١٨٩. وقيل المعنى {وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأكل بِالْمَعْرُوفِ} أي يأكل من ماله هو بالمعروف حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم، وقيل ينفق على اليتيم بقدر فقره، وعلى اليتيم الغني بقدر غناه، وهذان قولان مردودان. انظر «أحكام القرآن» لابن العربي ١/ ٣٢٤ - ٣٢٥، «تفسير ابن كثير» ٢/ ١٩٠.

<<  <   >  >>