للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منصوب، على الحال، أي: ظالمين لهم (١).

والظلم هو النقص، قال تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أكلهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً} (٢) أي: ولم تنقص منه شيئاً (٣). وهو وضع الشيء في غير موضعه، على سبيل التعدي والجور، ومجاوزة الحد والميل عن القصد (٤).

والمراد به هنا الأكل بغير حق (٥).

فمن أكل مال اليتيم بغير حق فقد ظلمه: أي نقصه حقه، واستبدل ما أمر به من العدل في معاملة اليتيم، بل وفي معاملة الناس أجمعين، بالظلم والتعدي، ووضع مال اليتيم في غير موضعه حيث الواجب عليه حفظه لليتيم، وقد أكله هو تعدياً وظلماً.

ويفهم من قوله {ظُلْماً} أن الأكل قد يكون بحق، كان يأكل الولي إذا كان فقيراً من مال يتيمه بالمعروف، كما قال تعالى: {وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأكل بِالْمَعْرُوفِ} (٦).

قوله تعالى: {إنما يَأكلونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} «إنما» أداة حصر، أي ما يأكلون إلا ناراً تشتعل وتتأجج في بطونهم (٧).

وقيل ما يأكلون في بطونهم ألا ما يوجب لهم النار ويؤول بهم إليها (٨).


(١) انظر «الدار المصون» ٢/ ٣١٧، «فتح القدير» ١/ ٤٢٩.
(٢) سورة الكهف، آية:٣٣.
(٣) انظر «الدار المصون» ٢/ ٣١٧، «فتح القدير» ١/ ٤٢٩.
(٤) انظر «لسان العرب»، مادة «ظلم».
(٥) انظر «جامع البيان» ٨/ ٢٦.
(٦) راجع فوائد الآية: {وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأكل بِالْمَعْرُوفِ} ص٧٩.
(٧) انظر «جامع البيان» ٨/ ٢٦، «التفسير الكبير» ٩/ ١٦٢ - ١٦٣، «البحر المحيط» ٣/ ١٧٧. روي عن أبي برزة الأسلمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يبعث يوم القيامة قوم من قبورهم تتأجج أفواههم ناراً» قيل يا رسول الله من هم؟ فقال: ألم تر أن الله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَأكلونَ أموال الْيَتَامَى ظُلْمًا إنما يَأكلونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} أخرجه ابن أبي حاتم٣/ ٨٧٩ - الحديث٤٨٨١. وذكره ابن كثير في «تفسيره» ٢/ ١٩٥ من رواية ابن مردويه وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه. وروي عن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رأيت أناساً يوضع ويلقم في أفواههم صخر نار فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً». أخرجه الطبري في «جامع البيان» ٨/ ٨٧٢٣، وفيه راوٍ كذب شيعي. ورواه ابن هشام في السيرة ١/ ٤٠٥، وابن أبي حاتم٣/ ٨٧٩ - الحديث٤٨٨٤. وذكره ابن كثير في «تفسيره» ٢/ ١٩٤من رواية ابن أبي حاتم.
(٨) انظر «معالم التنزيل» ١/ ٣٩٨، «المحرر الوجيز» ٤/ ٣٢، «التفسير الكبير» ٩/ ١٦٣، الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ٥٣.

<<  <   >  >>