الاعتكاف في اللغة هو اللزوم مطلقاً، وفي الاصطلاح قال ابن الحاجب: هو لزوم المسلم المميز المسجد للعبادة صائما كافا عن الجماع ومقدماته يوماً فما فوقه بالنية واعترضه ابن عبدالسلام من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن قوله المسلم كالمستغنى عنه بقوله للعبادة صائما إذا علم أن العبادة والصوم لا يصحان إلا من المسلم.
الثاني: أن قوله للعبادة فيه إجمال إذ من العبادة ما ليس للمعتكف فعله.
الثالث: أن قوله الجماع مستغنى عنه لاستلزام الكف عن مقدماته الكف عنه، قلت واعترضه أيضاً بعض شيوخنا بأنه يخرج عنه إذا اعتكف يوماً مثلا فخرج فيه لحاجة الإنسان فإن اعتكافه يجزئ وحده يدل على خلاف ذلك فكلامه غير جامع.
(والاعتكاف من نوافل الخير):
اختلف في حكم الاعتكاف على أربعة أقوال: أحدها: ما قاله الشيخ ونحوه قال القاضي عبدالوهاب هو قربة وقال ابن العربي في العارضة هو سنة ولا يقال فيه مباح وقول أصحابنا في كتبهم جائز جهل قلت ليس بجهل وإنما يذكرون ذلك لنفي ما يتوهم من كراهته، وقال ابن عبد البر في الكافي هو في رمضان سنة وفي غيره جائز، وقال ابن عبدوس روى ابن نافع ما رأيت أحدا من أصحابنا اعتكف، وقد اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم حتى قبض وهم أشد اتباعا فلم أزل أفكر حتى حدث بنفسي أنه لشدته لأن نهاره وليله سواء كالوصال المنهي عنه مع وصاله صلى الله عليه وسلم، فأخذ ابن رشد منه كراهية مالك له ولا خلاف أن الاعتكاف يصح من الصبي المميز وكذلك من المرأة والعبد إن أذن الزوج والسيد ولا خلاف أنها إذا دخلا في الاعتكاف بإذنهما لم يكن لهما قطعه عليهما، واختلف إذا لم يدخلا وبدا للزوج والسيد في إذنهما فظاهر المدونة أن لهما الرجوع، قال فيها وإن أذن لعبده أو لامرأته في الاعتكاف فليس له قطعه عليهما إذا دخلا فيه.
وبه قال ابن شعبان وحكى عياض عن مالك أنه ليس لهما رجوع ولا خلاف أن المكاتب لا يمنع من الاعتكاف اليسير ويمنع من الكثير.
(والعكوف الملازمة):
قد تقدم حد الاعتكاف فأغنى عن إعادته ولو أخر إلى ههنا لكان أحسن وفي