كلام الشيخ تقديم التصديق قبل التصور بحسن الجواب المشهور هنا، وبقية الأجوبة سبقت عند قوله أو لما يخرج من الذكر من مذي فانظرها.
(ولا اعتكاف إلا بصيام):
يريد لا الاعتكاف يجزئ إلا بصوم وهذا هو المشهور من المذهب، وقال ابن لبابة ليس من شرطه الصوم وهو قول الشافعي، وعلى الأول فإن كان اعتكافه تطوعا فلا يفتقر إلى صوم يخصه بل يصح إيقاعه في رمضان أو غيره بلا خوف، وإن كان منذورا فقال ابن عبد الحكم: كالأول وقيل لا بد من صوم يخصه قاله ابن الماجشون وسحنون وعزا الباجي الأول لمالك وتعقبه ابن زرقوم بعدم وجوده له، وهو ضعيف لما قد علمت من أنه من حفظ مقدم على من لم يحفظ لثقة الناقل واطلاعه على ما لم يطلع عليه الآخر ولم يحك اللخمي غير الثاني، وقيده بكون الناذر نوى أنه لا يكون إلا في صوم غير واجب ولم يعلم صحته في واجب أو جهل شرط الصوم فيه صح في واجبه، وسبب الخلاف هل الصوم ركن فناذر الاعتكاف ناذر لجميع أجزائه ومنها الصوم، وهو شرط فكما يصح له إيقاع الصلاة المفروضة المنذورة بطهارة أتى بها لغيرها فكذلك هنا.
(ولا يكون إلا متتابعاً):
يعني كما إذا قال لله تعالى علي اعتكاف عشرة أنه يلزمه تتابعها، قال ابن عبد السلام: والأقرب عندي مذهب المخالف أنه لا يلزمه ذلك لأن النذر المطلق أعم من المتتابع وغيره فلا يلزمه الآخر وكما في صيام هذا في حق الناذر، فأحرى في حق غير الناذر والله أعلم.
(ولا يكون إلا في المساجد كما قال الله سبحانه):
المشهور من المذهب أن المسجد لا بد منه في الاعتكاف، وخالف فيه ابن لبابة أيضاً فقال يصح الاعتكاف في غير المسجد، ولا يلزم ترك المباشرة إلا فيه قال ابن رشد وهو شذوذ، وعلى الأول فهل هو ركن نص عليه ابن العربي في القبس، وهو ظاهر كلام غيره، وقيل إنه شرط قاله في الذخيرة ولم يظهر لي أين تظهر ثمرة هذا الخلاف في هذا الباب، واختلف هل المستحب عجزه أو رحبته أم لا؟ فقيل بما ذكر رواه ابن عبدوس قال لم أره إلا في عجزه، وقيل المستحب في رحبته رواه ابن وهب قال لم أره إلا في رحبته، وقيل هما سواء.