قال اللخمي: وهو مذهب المدونة واعترضه بعض شيوخنا لأن نصها لا بأس به في رحابه وليعتكف في عجزه فظاهرها كالأول والرحبة هي صحنه قاله الباجي، ونص في الموطأ على أنه لا يعتكف فوق ظهر المسجد، ونقل ابن الحاجب قولاً بأنه يعتكف فيه ونصه: والمسجد ورحابه سواء بخلاف السطح على الأشهر وقبله ابن عبدالسلام، فقال: اضطرب المذهب في إلحاق السطح بحكم ما تحته في الاعتكاف والجمعة وحكموا بالحنث على من حلف أن لا يدخل بيتا فصعد على سطحه وجعلوه حرزا يقطع من سرق منه ثوباً منشورا عليه، قلت وغمز بعض شيوخنا القول المقابل الأشهر بقوله نظرت ما أمكنني من التأليف قديما وحديثا فلم أقف عليه.
(فإن كان في بلد الجمعة فلا يكون إلا في الجامع إلا أن ينذر أياماً لا تأخذه فيها الجمعة):
المطلوب إذا نذر أياماً تأخذه فيها الجمعة أنه لا يعتكف إلا في الجامع إن كان من أخل الجمعة، فإن اعتكف في غيره خرج، واختلف هل يبطل اعتكافه أم لا؟ فقيل يبطل قاله مالك في المجموعة، وقيل إنه يصح ولا يؤثر خروجه شيئاً كما إذا خرج لغسل الجنازة أو لشراء طعامه قال ابن عبدالسلام، ولا يخفى عليك الفرق يريد أن اعتكافه في غير الجامع مع قدرته على الاعتكاف فيه أمر اختياري بخلاف خروجه لما ذكر فإنه ضروري على القول الثاني فقيل يتم في الجامع قاله مالك وابن الجهم وقيل يتم بمكانه أولا قاله عبد الملك.
(وأقل ما هو أحب إلينا من الاعتكاف عشرة أيام):
ظاهر كلام الشيخ أن الزيادة على عشرة أيام جائزة وهو كذلك إلا أن كلامه يقتضي عدم التحديد، وقال ابن رشد، على القول به أكثره شهر ويكره ما زاد عليه، وقيل إن أقل الاعتكاف المستحب في المسجد يوم وليلة وأعلاه عشرة أيام قاله ابن حبيب والقولان حكاهما ابن رشد وقيل إن أقله ثلاثة أيام حكاه ابن عبد البر عن رواية ابن وهب، وفي المدونة، قال ابن القاسم: بلغني عن مالك أنه قال: أقل الاعتكاف يوم وليلة فسألته عنه، فأنكر وقال أقله عشرة أيام وبه أقول قال ابن رشد أي أقول مستحبه لا واجبه إذ يلزم من نذر الاعتكاف أقل من عشرة أيام العشرة اتفاقاً وناذر مبهمه يلزمه على الأول يوم وليلة وعلى الثاني عشرة أيام في قول مالك.
قلت: يظهر من كلامه التناقض لأنه جعل في نذر المبهم يلزمه عشرة أيام في