حديث بلال بأخذه الزكاة من، واختلف المذهب إذا أذن لجماعة فقيل أنه يشترط أن يكون لكل واحد منهم نصاب وهو المشهور، وقيل إنما يعتبر النصاب في حق الجميع قاله ابن الماجشون، وأجرى عليهما لو كان المدفوع له ليس من أهل الزكاة كالعبد والذمي، واختلف إذا استخرج من المعدن عشرة دنانير مثلاً، وكان بيده من غيره عشرة دنانير حال عليها الحول فقال القاضي عبدالوهاب يضم ويزكي ومال اللخمي إلى أنه وفاق للمدونة وقال ابن يونس هو خلاف، واختلف هل يضم الذهب إلى الفضة أم لا؟ فقيل بالضم حكاه ابن الجلاب وقيل بعدمه حكاه الباتجي تخريجاً على ما يخرج من المعدنين في وقت واحد، وقال ابن الحاجب: وفي ضم الذهب إلى الفضة وإن كان المعدن واحداً قولان فظاهره أن الخلاف فيه بالنصب وليس كذلك، ونبه على هذا ابن عبدالسلام.
(فإن انقطع نيله بيده غيره لم يخرج شيئاً حتى يبلغ ما فيه الزكاة):
ما ذكره متفق عليه لأن ذلك كزرع سنين واختلف في تكميل معدن بمعدن في وقته فقيل بعدم الضم قاله مالك، وقيل بالضم قاله ابن مسلمة وصوبه بعض الشيوخ لتشبيههم ما يخرج من المعدن بالزرع، وقد اتفقنا على أن الزرع يضم قال ابن رشد وإذا انقطع النيل ثم عاد لا يخلو إما أن يتلف ما أخذه من النيل الأول قبل أن يظهر النيل الثاني أو بعد أن ظهر أو بعد أن استخرج منه تمام النصاب، ففي الأول لا يضم احدهما إلى الآخر كزرعين حرث الثاني منهما بعد حصاد الأول وعكسه الثالث، وأما الوجه الثاني فيخرج منه قولان: الزكاة ونفيها، من اختلاف قولي ابن القاسم وأشهب فيمن أفاد عشرة دنانير ثم عشرة فتلفت الأولى بعد حولها ثم جاء حول الثانية فإنه لا يخرج زكاته عند ابن القاسم ويزكي عند أشهب.
(وتؤخذ الجزية من رجال أهل الذمة الأحرار البالغين):
قال ابن رشد: الجزية العنوية ما يؤخذ من كافر على تأمينه، واعترضه بعض شيوخنا بأنه غير مانع إذ قد يدخل في كلامه ما أخذ من مال على مجرد تأمين اللحاق دار الحرب وليس بجزية قال وهي ما لزم الكافر من مال لأمنه باستقراره تحت حكم الإسلام وصونه، والجزية الصلحية لا حد لها إلا ما صالح عليه الإمام من قليل أو كثير قاله ابن حبيب وغيره، قال ابن رشد وهو كلام فيه نظر والصحيح أنه لأحد لأقل ما.