يلزم أهل الجزية الرضا به لأنهم مالكون لأمرهم وأن لأقلها حداً إذا بذلوه لزم لإمام قبوله وحرم عليه قتالهم لقوله تعالى:(حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)[التوبة:٢٩]
ولم أر لأحد من أصحابنا في ذلك حدا والذي يأتي على المذهب عندي أن أقلها ما فرض عمر على أهل العنوة.
فإذا بذل ذلك أهل الحرب في الصلح على أن يؤدوه عن يد وهم صاغرون لزم الإمام قبوله، وحرم عليه قتالهم وله أن يقبل منهم في الصلح أقل من ذلك وهم أغنياء.
قلت: وها بعض شيوخنا بأن قال: هي ما التزم الكافر بعينه أداءه على إبقائه بذلك تحت حكم الإسلام حيث يجري عليه، وحكم الجزية الجواز المعروض للترجيح بالمصلحة وقد يتعين عند الإجابة عليها قبل القدرة، وما ذكر الشيخ أنها تؤخذ من أهل الكتاب هو كذلك بإجماع صرح به غير واحد، ويرد ما لم يكن الذمي راهباً بحيث لا يقتل فإنها لا تضرب عليه، رواه ابن حبيب وقال ابن حارثة اتفاقاً، واختلف إذا ضربت عليه ثم ترهب فقيل إنها تسقط نقله ابن رشد عن ابن القاسم مع ظاهر قول مالك وعزاه ابن حارثة لأشهب فقط، وقيل إنها لا تسقط رواه مطرف وابن ماجشون، قال الفاكهاني: وقول الشيخ البالغين كالمستغني عنه لأن الرجل لا يطلق في اللغة والعرف إلا على البالغ ويقال بلغ الصبي ولا يقال بلغ الرجل، نعم لو قال العقلاء ليتحرز بذلك من المجانين لكان أولى من قوله البالغين، وإن كان يقال ذلك على طريق التوكيد.
(ولا تؤخذ من نسائهم وصبيانهم وعبيدهم).
اختلف هل تضرب على معتق على ثلاثة أقوال: فقيل تضرب قاله ابن حبيب وغيره وعكسه لأشهب ورواه عن مالك، وقيل غنه اعتقه كافر ضربت عليه وإن اعتقه مسلم فلا، قاله في المدونة، وأطلق هذا الخلاف غير واحد، وقال ابن رشد إنما هي فيمن اعتق ببلد الإسلام، وأما في بلاد الحرب فهي عليه بكل حال.
(وتؤخذ من المجوس ومن ناصري العرب):
اختلف في آخذ الجزية من غير أهل الكتاب على أربعة أقوال: فقيل تؤخذ وهو مذهب المدونة قال فيها وتؤخذ الجزية ممن دان بغير دين الإسلام، وقيل إنها لا تؤخذ وقيل تؤخذ إلا من مجوس العرب، وقيل تؤخذ إلا من قريش، واختلف في علة ذلك فقيل لمنع إذلالهم بها لمكانهم منه عليه السلام، وقيل لإسلامهم كلهم يوم الفتح فكل كافر من قريش مرتد والى هذا ذهب القرويون وذهب إلى الأول بعضهم.