نظر لأن أعلى درجات التذكية إنما تطلب في حق من لم تحصل فيه الزكاة البتة فيطلب له أكمل الأنواع، وأما من حصل له نوع منها وهو كاف فزياده فري والأوداج في حقه تعذيب آخر إلا أن يمنع ذلك فيقال إن الإجهاز في حقه إراحة له من العذاب الذي هو فيه فله وجه.
وقد اختلف المذهب في الحيوان الذي لا يؤكل إذا بلغ به المرض الإياس فأجاز ابن القاسم ذبحه راحة مما هو فيه، ومنعه بعضهم وبعضهم وافق ابن القاسم في الإراحة وخالفه في الذبح وقال تعقر عقرا لئلا يكون ذلك تشكيكا للعوام في إباحة أكلها إذا رأوها مذبوحة وما ذكر من أنه إذا فات بنفسه فإنه يؤكل صحيح إذا لم يتراخ في الطلب فإن تراخي لم يؤكل إلا أن يتحقق أنه لو جد في الطلب لوجده منفوذ المقاتل فإنه يؤكل وأحرى إذا مات برمية سهم، وأما الجارح فلا يتأتي هذا فيه.
واعلم أنه يشترط أن يكون للجارح أثر ولو أدماه في أذنيه فإنه كاف، وأما الصدم والعض من غير تدمية فإنه يؤكل إذا مات به عند ابن وهب وأشهب نقل ذلك عنهما ابن شعبان، وقال في المدونة: ولو أخذته الجوارح فقتلته بالعض أو بغيره ولم تنيبه أو تدمه لم يؤكل، قال عياض ظاهر الكتاب أن نيبته ولم تدمه أكل وقال ثانية لا يصح تنبيه إلا بإدماء وإن قل وهو مقتضي قوله في الكتاب إن لم تنبيه لم يؤكل وهذا منه رحمه الله تناقض ونبه عليه بعض شيوخنا.
قال التونسي: ولو مات من الجري انبهارًا فإنه لا يؤكل ولم يذكروا فيه خلافًا وفيه نظر، فأشار إلى أنه يمكن تخريج الخلاف بالأكل من الطالب بسيفه رجلاً فيموت فإن يقتل به في قول، وذلك يدل على أن موته انبهار كالصدم قاله ابن عبد السلام وحكي صاحب الذخيرة جواز الأكل فيه، قال خليل: ولعله أراد إلزامًا من القول في الصدم والعض بالأكل، والقول الأول من قول الشيخ فيما إذا فات هو قول مالك في المدونة قائلاً، وتلك السنة قال ابن الحاجب: وعورض بنقل خلافه وانفراده، والقول الثاني هو قول ابن المواز وأصبغ، وقيل إنه يؤكل مطلقًا وإن رجع عن اتباعه رواه ابن القصار وصوبه بعض الشيوخ وقي بالفرق بين أن تنفذ مقاتله فيؤكل وإلا فلا قاله ابن الماجشون، وفي مدونة أشهب الكراهة وعزاها لمالك فحملها اللخمي على ظاهرها وردها غيره للتحريم كذا نقله ابن عبد السلام، والذي أعرفه لابن بشير أن ذلك محتمل لها وللكراهة فيحصل في المسألة خمسة أقوال.
(ولا تؤكل الإنسية بما يؤكل به الصيد):
ظاهر كلامه ولو ندت بقرا كانت أو غيرها وهو كذلك في البقر على المشهور