للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترك الآخر كمن أكره على قتل مسلم أو شرب قدح من خمر فارتكب أصغرهما كفر عنه ما ارتكب واعترض الفاكهاني تمثيله الأول وهو قوله كالشرك والأولى أن يقول وهي الشرك إذ الشرك كبيرة لا مثل لها فلا يحسن التشبيه به قال وكذلك تمثيله مسألة الإكراه فيه نظر لأنه مع الإكراه غير آثم قال عياض في الإكمال وقد اختلفت الآثار وأقوال السلف والعلماء في عدد الكبائر فقال ابن عباس كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة وسئل أهي سبع فقال هي إلى السبعين أقرب. وروي إلى سبعمائة أقرب. وقال أيضا الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو يغضب أو لعنة أو عذاب ونحوه عن الحسن وقيل هي ما أوعد الله عليه بنار أو حد في الدنيا وعدوا الإصرار على الصغائر من الكبائر فروي عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار. واختلف في حقيقة الإصرار فقال بعضهم هو التكرار على الذنب كأن يعزم على العودة أم لا، وقال بعضهم إن تكريره من غير عزم لا يكون إصرارا وكلاهما نقله القرافي.

وقال ابن مسعود رضي الله عنه وجماعة من العلماء: الكبيرة جميع ما نهى الله عنه في أول سورة النساء إلى قوله (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) [النساء: ٣١]

وقال غيره هي في قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) هي الكفر والشرك (نكفر عنكم سيئاتكم) [النساء: ٣١]

أي ما سواهما وإنما عبر الشيخ عن ترك المؤاخذة بالكبائر بالصفح وعن ترك المؤاخذة بالصغائر بالغفران لما فيه من عظيم الامتنان وسعة الجود والإحسان لأن محو الكبيرة أبلغ في الدلالة على الكرم من سترها ومغفرتها.

واختلف في مغفرة الصغائر باجتناب الكبائر هل ذلك مقطوع به أو مظنون وكلاهما نقله الفاكهاني ونقله ابن سلامة معبرا عنه بقوله نقله بعض شراح هذه العقيدة واعترضه بقوله لم يعز هذا النقل لأحد من أئمة الدين وليس كل ما يوجد منقولا في الأوراق يعتد به حتى يعزي الإمام من أئمة الدين فحينئذ ينظر فيه إما بإبقائه على ظاهره وإما بتأويله والله الهادي إلى سواء السبيل.

قلت: ويرد بقول ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) الآية اختلف العلماء في هذه المسألة فجماعة من المحدثين والفقهاء يرون أن من اجتنب الكبائر وامتثل الفرائض كفرت صغائره كالنظر وشبهه قطعا بظاهر الآية وظاهر الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>