للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأصوليون فقالوا: لا يجب على القطع تكفير الصغائر باجتناب الكبائر وإنما يحمل ذلك على غلبة الظن وقوة الرجاء والمشيئة ثابتة ولو قطعنا بتكفير صغائره لكانت لهم في حكم المباح الذي لا تباعة فيه وذلك نقض لعزائم الشريعة.

(وجعل من لم يتب من الكبائر صائرا إلى مشيئته: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: ٤٨]).

أجمع أهل الحق على جواز المغفرة لعصاة الموحدين وأنه جائز واقع أما قبل دخول النار فالجواز ثابت بالنسبة إلى آحاد الأشخاص لا إلى جميعهم لانعقاد إجماع أهل السنة أنه لابد أن تدخل طائفة من الموحدين النار وأما بعد دخول النار وأخذها منهم فالعفو عنهم واقع ويخرجون بالشفاعة.

وقالت المرجئة هم في الجنة يإيمانهم ولا تضرهم سيئاتهم وبنوا هذه المقالة على أن جعلوا آيات الوعيد كلها مختصة بالكفار وآيات الوعد كلها عامة بالمؤمنين تقيهم وعاصيهم. وقالت المعتزلة إذا كان المذنب صاحب كبيرة فهو في النار مخلد ولا بد.

وقالت الخوارج إذا كان صاحب صغيرة أو كبيرة فهو في النار مخلد ولا إيمان له لأنهم يرون أن الذنوب كلها كبائر وبنوا هذه المقالة على أن جعلوا آيات الوعد كلها مختصة بالمؤمن المحسن الذي لم يعص قط والمؤمن التائب وجعلوا آيات الوعيد عامة في العصاة كفارا أو مؤمنين.

(ومن عاقبه بناره أخرجه منها بإيمانه فأدخله به جنته (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) [الزلزلة:٧]).

قيل إن النار بجملتها سبع أطباق فأعلاها جهنم ثم لظى ثم الحطمة ثم السعير ثم سقر ثم الجحيم وفيها أبو جهل ثم الهاوية وإن في كل طبقة منها بابا فالأبواب على هذا بعضها فوق بعض ذكره ابن عطية. وإنما خصص الشيخ العقاب بالنار وإن كان العقاب يكون بغيرها أيضا لأن العقاب بها هو المعظم كقوله صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة" ولأن النار مشتملة على أنواع العذاب إن كان المراد بالنار الدار نفسها لا نفس النار والباء في قوله بناره يحتمل أن تكون سببية ويحتمل أن تكون للتعدية ورجحه الفاكهاني وأبعد الاحتمالات

<<  <  ج: ص:  >  >>