لصلاة نذرها وليصل بموضعه ومن نذر رباطًا بموضع من الثغور فذلك عليه أن يأتيه):
اعلم رحمك الله أن مسجد المدينة أفضل ثم مكة ثم بيت المقدس على المشهور من المذهب وقيل: إن مسجد مكة أفضل من المدينة، حكاه عياض عن ابن حبيب وابن وهب ووقف الباجي في ذلك، وأكثر العلماء خارج المذهب قالوا بالقول الثاني وهو الذي اختاره ابن عبد السلام فإذا عرفت هذا فاعلم أنه اختلف المذهب إذا كان الناذر ساكنا بأحد المساجد الثلاث ونوى الصلاة بأحد المسجدين الباقين على ثلاثة أقوال، فقيل: يلزمه مطلقًا، وعكسه، وقيل: يلزمه إلا أن يكون الثاني مفضولاً وهو المشهور وهذا الأقوال الثلاثة حكاها ابن الحاجب وقال ابن هارون: القول بأنه لا يلزمه مطلقًا لم أره لغيره فتأمله وأما قول الأول فقال أبو الطاهر: وهو ظاهر المذهب.
وأما الثالث فحكاه اللخمي وكذلك مرض ابن عبد السلام نقله له فقال: لا أعلم الآن من ذهب إليه ولا أذكره إلا من إشارة المؤلف، ونص ابن الحاجب فلو كان في أحدهما والتزم الآخر لزمه على الأصح والمشهور إلا أن يكون الثاني مفضولا ففهم عنه من ذكر أن مقابل الأصح مقابله لاستغنائه بذكر المقابل عن مقابله وقال بعض شيوخنا: بل مقابله إنما هو ما صح به لعدوله عن قوله وثالثها وظاهر كلام الشيخ أيضًا أن مسجد قباء لا يلحق بالمساجد الثلاثة وهو كذلك.
وحكى عياض عن ابن أبي مسلمة أنه يلحق بها وظاهر كلام الشيخ أيضًا أن غير المساجد الثلاثة لا يلزم الذهاب إليها، وإن كان الموضع قريبًا وهو كذلك في أحد القولين، وعلى الثاني فاختلف هل يلزم مع ذلك المشي أم لا؟ في ذلك قولان وبالله التوفيق.