للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده.

وقيل الإخلاص هو ما استوى فيه السر والعلانية فهذا هو الإخلاص، وهذه الألفاظ يقرب بعضها من بعض. وقيل الإخلاص هو أن يكون العمل لله تعالى ويعتقد ذلك في قلبه إلى تمامه ويكتمه بعد فراغه منه فيخلص العمل بهذه الثلاثة شروط فإذا ابتدأ العمل، لغير الله فسد باتفاق. وإذا ابتدأه لله بقلبه وأحب أن يحمد عليه فلا يضره ذلك لقوله تعالى: (ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا) [آل عمران: ١٨٨]

فدليل الخطاب إذا أحبوا الحمد بما فعلوا فلا بأس به وإن ابتدأ العمل لله وتمادى على ذلك إلى أثناء العمل. فاطلع عليه فيه فأحب بقلبه أن يحمد على ذلك الفعل ومر عليه ولم يرفعه من قلبه فما بعد ذلك يبطل باتفاق. وما قبل ذلك فقيل يبطل وقيل يصح والمشهور البطلان وأما إن أبى ذلك بقلبه ودفعه فلا يبطل عليه باتفاق.

واختلف في النية مع الإخلاص هل هما بمعنى واحد أو هما شيئان؟ والنية هي القصد، والإخلاص هو إفراد المعبود بالعبودية، فمن نظر إلى أن النية لا تصح إلا بالإخلاص قال هما بمعنى واحد ومن نظر إلى أن النية من الكافر والمرائي تصح قال هما شيئان. فالنية روح العمل والإخلاص روح النية قال الله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) [البينة: ٥]

وقال صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات".

وقال بعضهم: مراده بالنيات الإيمان فكأنه قال ولا نطق باللسان ولا عمل بالجوارح إلا بشرط الإيمان بالقلب. وضعفه بعض التونسيين بأنه يلزم منه أن يسمى التصديق بالقلب من غير نطق إيمانا لأن الشرط يغاير المشروط وقد تقدم أن مذهب الجمهور خلافه.

واعلم أن العبادة المحضة تفتقر إلى النية بإجماع وذلك كالصلاة وعكس ذلك رد الودائع والمغصوبات وشبهه، واختلف فيما فيه شائبتان كالطهارة وقول الشيخ ولا قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة مجمع عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة" قالوا: وما الواحدة يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي". وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ".

<<  <  ج: ص:  >  >>