للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الأول لا يختار إلا خيارها وخيارها لا يخفى على ذي معرفة.

(ولا يجوز بيع التمر بالرطب ولا الزبيب بالعنب لا متفاضلا ولا مثلاً بمثل ولا رطب بيابس من جنسه من سائر الثمار والفواكه وهو مما نهي عنه من المزابنة):

ما ذكر الشيخ من أن التمر بالرطب لا يجوز هو المنصوص وخرج اللخمي فيه قولاً بالجواز من أحد القولين في بيع اللحم الطري باليابس ورده ابن بشير بأنا نمنع أن اليبس في اللحم حال كمال وإنما الكمال فيه حال الرطوبة فلا يطلب التيبيس فيه كما يطلب في الرطب فإن تيبيس الثمرة هو كمالها.

قلت: ورده بعض شيوخنا بأنه فاسد والوضع لأنه في معرض النص إذا خرج مالك في الموطأ وأبو داود أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سئل عن شراء التمر بالرطب فقال لمن حوله: " أينقص الرطب إذا جف" قالوا: نعم فنهي عن ذلك، ومثله قول خليل قياس فاسد الوضع لمقابلة النص واختلف المذهب هل يجوز بيع الرطب بالرطب أم لا؟ والمشهور جوازه.

وقال ابن عبد الحكم: لا يجوز لنقصه إذا جف قال ابن عبد السلام: وهو أجري على الأصل لأنه لا يتحقق مقدار ما ينقص كل واحد منهما، وأما الزيتون بالزيتون مثلا بمثل فإنه جائز نص عليه اللخمي قائلاً: وإن كان زيت أحدهما أكثر من الآخر وزعم ابن الحاجب الاتفاق عليه قال ابن عبد السلام: ولولا الاتفاق عليه لكان الأنسب المنع لأن المطلوب زيته، وهو غير معلوم التساوي بخلاف اللحم باللحم.

قلت: وأجابه بعض من لقيناه بأن الاتفاق على جواز القمح بالقمح وإن علم أن ريع أحدهما أكثر من الآخر مع أن القمح المقصود منه الدقيق بخلاف الزيتون فإنه كثيراً ما يؤكل كذلك، واختلف في طري الزيتون بيابسه بتحري النقص والمشهور منع القمح المبلول بمثله وجواز المشوي بالمشوي والقديد بالقديد، وقد علمت ما فرق به بينهما.

(ولا يباع جزاف بمكيل من صنفه ولا جزاف بجزاف من صنفه إلا أن يتبين الفضل بينهما إن كان مما يجوز التفاضل في الجنس الواحد منه):

إنما جاز إذا بان الفضل لانتفاء وصف المزابنة؛ لأنه يصير حينئذ بيع معلوم معلوم من جنسه، واختلف في بيع الرطب باليابس إذا كانا ربوبيين على ثلاثة أقوال:

أحدهما: أن ذلك ممنوع وهو دليل ما في سماع عيسى وأصبغ.

والثاني: أنه يجوز بشرط تحري المساواة وهو أيضًا في سماع عيسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>