للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب الشيخ خليل بأن في صدر الكلام ما يخرج ما ذكره لان قوله لقب لما يفسد معناه لقب لصور مخصوصة من بيوع الآجال يفسد بعضها للتهمة، وتلك الصور المخصوصة مذكورة في الباب، وليست الصورتان وشبههما منها وذكر أهل المذهب طرقا في الدليل على اعتبار سد الذرائع وأحسنها أن الأمة اجتمعت على المنع من بيع وسلف، وذلك أن البيع على انفراد جائز إجماعا، وكذلك السلف على انفراده إجماعا، والإجماع على المنع من اجتماعها في عقد واحد فإذا ثبت ذلك فالمنع ليس لأجل هذا العقد، وإنما هو للهيئة الاجتماعية، وليس ذلك المنع لذاتها لأن الأحكام الشرعية إنما تتبع غالبا فيتعين أن يكون الحكم بالمنع تابعًا للصفة في هذا العقد، ولا معنى بعد البحث إلا ما يتقى في هذا العقد أن يكون أسقط شيئًا من الثمن أو زيد فيه لأجل انضمامه وهذا هو القول بسد الذرائع من حيث الجملة، فلم يبق بعد ذلك نظر إلا في تحقيق الذريعة فحيث تحققت منع منها.

ولابن عبد السلام اعتراضات على هذا الدليل لم أذكر كلامه لطوله، وقد أكثر أهل المذهب الكلام في هذا المذهب وهو من أصعب كتب المالكية ولا سيما من ابن الحاجب، لقت أخبرني بعض من لقيناه عن شيخه القاضي الحافظ أبي العباس أحمد بن حيدرة رحمه الله أنه كان يأمر طلبته أن لا ينظروا على كلام ابن الحاجب في هذا الباب شيئا لابن عبد السلام ولا غيره فلما أخذ مرة يقرر كلامه في بياعات أهل العينة، قال كلامه مجحف هنا فيما قال ابن عبد السلام عليه فقالوا: إنما لم ننظره امتثالا لأمرك فأمر القارئ بالوقف وأمرهم أن ينظروا كلام الشيخ وأقرأهم المسألة من الغد.

(ولا بأس بشراء الجزاف فيما يوزن أو يكال سوي الدنانير والدراهم ما كان مسكوكا وأما نقار الذهب والفضة فذلك فيهما جائز):

ظاهر كلام الشيخ، وإن قل الطعام وحضر المكيال أن الجزاف جائز وهو كذلك نص عليه ابن حارث ويشترط في الجزاف أن يكون المتبايعان عالمين بالحواز وجاهلين بقدر المبيع من كيله أو وزنه أو عدده.

قال المازري: ولا يصح ما في كتاب ابن حبيب من جواز الجزاف في الأترج والبطيخ وإن اختلفت آحاده بالصغر والكبر، لأنه تقصد آحاده فيمتنع لذلك إلا أن يكون الثمن عند المتعاقدين لا يختلف باختلاف صغره وكبره فإن علم البائع بقدر المبيع أو علم المشتري به عند الشراء فلا يجوز ذلك وإن رضي به.

<<  <  ج: ص:  >  >>