للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والكراء كالبيع فيمايحل ويحرم):

قال التادلي: ما ذكر الشيخ ليس على إطلاقه فإن الكراء على وجهين: مضمون ومعين، فالمضمون كدابة مكتراة وهو جائز نقدا وإلى أجل إذا شرع في الركوب وإن لم يشرع في الركوب كالكراء في سفر الحج في غير وقته فإنه لا يجوز وإلا بالنقد؛ لأنه سلم، وقد أرخص مالك في دفع الدينار والدينارين ويتأخر الباقي إلى أن تشرع في الركوب، واختلف في جواز ذلك لغير الحاج على قولين وهذا بخلاف البيع؛ لأنه دين بدين والمعين كالدابة يسلمها إليه بعينها وفي تعيينها بالإضافة كدابتك قولان فيجوز كراؤها بنقد أو إلى أجل إذا شرع في الركوب وإن لم يشرع فإن تأخر يسيرا فقولان.

وحد اليسير: وقيل: عشرة أيام، وقيل: أقل من ذلك.

(ومن اكترى دابة بعينها إلى بلد فماتت انفسخ الكراء فيما بقي وكذلك الأجير يموت والدار تنهدم قبل تمام مدة الكراء):

اعلم أن الموت وصف طردي والمراد إذا تعذر السفر بها كما إذا مرضت أو استحقت أو سرقت وكذلك رجوعه لخوف الطريق أو لحمل واد، واختلف إذا غصب المكترى من يد مكتريه هل له في ذلك مقال أم لا فقيل له ذلك، ويسقط عنه الكراء من حينئذ قاله مالك في سماع ابن القاسم.

وقيل بل هي جائحة نزلت بالمكترى نقله ابن الحارث عن سحنون واختار: إن قصد الغاصب غصب الرقاب فالأول وإن قصد غصب المنافع، فالثاني وضعف، وقيل: إن المصيبة من المكتري إلا أن يكون سلطانا ليس فوقه سلطان لايمنعه منه إلا الله تعالى قاله ابن القاسم، وعبد الملك في المجموعة وجعله ابن رشد تفسيرًا السماع ابن القاسم قائلاً: لأنه عن أخرجه من يقدر على الامتناع منه فرفعه لم يمنعه منه فلم يفعل فكأنه أسلم ذلك إليه قال ابن عبد السلام وينبغي أن يكون ذلك مقصورا على ما إذا غصبت المنفعة أو الرقبة بعد قبض المكتري إياها وأما لو كان ذلك قبل القبض فتكون المصيبة من المكتري؛ لأن المكتري لم يتمكن من القبض ولو أقر المكتري بقبضه المكتري فإنه لا يقبل ذلك منه قاله ابن شاس وابن الحاجب.

وأخذه بعض شيوخنا من قول المدونة إذا أقر الراهن بجناية العبد الرهن بعد رهنه لا يقبل على المرتهن قائلاً: ويخير المقر له بغصب العبد المكترى في إمضاء الكراء فيستحق ما أكرى به في تضمينه قيمة العبد إن طالت مدة إجارته لا مطلقاً خلافاً لبعضهم وما ذكر الشيخ من فسخ الكراء في انهدام الدار صحيح إذا كان مما يضر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>