للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روايتان، وفي المدونة لمكتري الدابة للحمولة والسفينة والدار كراؤها من مثله في مثل ما اكتراها له، وكذلك الفسطاط له كراؤه من مثله في حاله وأمانته وصنعته فيه ومن استأجر ثوبا يلبسه إلى الليل لم يعطه غيره لاختلاف الناس في اللباس والأمانة فإن دفعه لغيره ضمنه إن تلف ولو بدا له على السفر بالدابة أو مات اكتريت ومثله، وكذلك الثياب في الحياة والموت.

وقال اللخمي: المنع في الثياب أحسن لاختلاف اللباس واليسير فيها يؤثر والأمر في الخباء والفسطاط أخف.

قال شيخنا أبو مهدي عيسى الغبريني أيده الله تعالى: وكتب العلم كالثياب فمن اكتراها لا يعيرها لغيره لاختلاف الناس فيها. قال ابن الحاجب: وفي ضمانه ما أجره لغيره ثالثها المشهور إن كان مثل أمانته لم يضمن.

وقال ابن عبد السلام: إطلاق هذا الكلام في كل مستأجر من دار أو غيرها لا يصح ومقتضى كلامه أن مكتري الدابة إن اكتراها ممن ليس مثله في حفظه إياها وخفته أنه لا ضمان عليه في قول وهذا لا يوجد ونحوه.

قال ابن هارون: لا يوجد هذا الخلاف وأجابهما بعض شيوخنا بأن سياق الكلام يقتضي أن خلافه إنما هو فيما يغاب عليه، وذلك أنه لما قال والمستأجر أمين فرع عليه قوله السابق، وهذا الخلاف إنما هو فيما يغاب عليه، والقول الثاني هو الثاني لم يوجد بحال.

(ومن اكتري ما عونا أو غيره فلا ضمان عليه في هلاكه بيده وهو مصدق إلا أن يتبين كذبه):

قال التادلى: قيل: إن كراء الماعون مكروه وقيل: لا وقال اللخمي: إن من كانت عادته يتعيش به فإنه يجوز له من غير كراهة، وإن لم تكن عادته فإن أكراه إلى مدة تنقص الشيء المكترى فهو جائز وإن كان لا ينقصه فمكروه لما فيه من دناءة الأخلاق.

قلت: فيما قاله نظر بل قال اللخمي فأما إجازة الثياب والحلي والماعون فهي على ثلاثة أوجه فمن كان شأنه أن يشتري هذه الأشياء ويدفعها للكراء ذلك جائز وكذلك ما لم يكن ذلك شأنه ويكره لمن يطيل استخدامه حتى ينقصه واختلف إذا كان الاستعمال في الأمر الخفيف مما لا ينقص مثله فأجيز وكره.

قال مالك في إجازة الحلي لا بأس به، وقال مرة اكرهه وليس من الحرام البين

<<  <  ج: ص:  >  >>