واعلم أن الوصية من الكافر للمسلم بشيء جائزة إلا أن يمنع من ذلك مانع شرعي كالخمر لمسلم قاله ابن شاس، وأما عكسه فقال ابن القاسم: إنها جائزة قال أشهب: ولو كان أجنبيا.
وقال أصبغ: تجوز للذمي لا للحربي؛ لأنها قوة للحربي وترجع ميراثا لا صدقة، ووصايا المرتد باطلة، وإن تقدمت في حال إسلامه لا سيما على قول من يقول إن ماله لا يرد إليه إذا رجع للإسلام.
(ولا وصية لوارث):
الأصل في ذلك ما خرجه الترمذي وصححه عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته المشهورة عام حجة الوداع: " إن الله تعالى قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث والولد للفراش وللعاهر الحجر" ويريد الشيخ إلا أن يجيزه الورثة على المنصوص.
وذهب بعض العلماء إلى أن ذلك مردود ولو أجازه الورثة.
وحجتنا في ذلك ما خرجه الدارقطني عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة" رواه ابن جرير عن عطاء عن ابن عباس، وعطاء هذا لم يدرك ابن عباس، ووصله يونس بن راشد عن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس.
قال عبد الحق: وكونه مقطوعا هو المشهور.
قلت: وخرج بعض شيوخنا قول المخالف من نقل ابن فتوح عن عبد الملك: ليس لوارث أن يجيز ما زاد الموصي على الثلث؛ لأنه عقد فاسد للنهي عنه، واختلف المذهب إذا وقعت الإجازة هل هو ابتداء عطية أو تنفيذ؟
فقال ابن القاسم في المدونة: إذا أوصى الأب بأكثر من ثلثه فأجازه الابن وعليه دين أن للغرماء أن يردوا ذلك.
وقال ابن القصار: إذا أجاز الوارث ما أوصي به الميت من الزيادة على الثلث أو الوصية لوارث كان ذلك تنفيذًا لفعل الميت ولم يكن ذلك ابتداء عطية من الوارث.
واختلف إذا أجاز الوارث ولا دين عليه فلم يقبل ذلك الموصي له حتى استدان الوارث دينًا أو مات فقيل: إن غرماء الوارث وورثته أحق بها؛ لأنها هبة ولم تجز.