وقال أشهب: يبدأ بوصية الأب قبل دين الابن وهذا الخلاف ذكره اللخمي فلو قال: إن لم يجيزوا فهي للمساكين، وشبه ذلك، فإن لم يجيزوها كان ميراثا بلا خلاف فإن أجازوها ففي ذلك قولان مرويان عن مالك.
قال ابن عبد السلام: والأقرب إلى أصل المذهب إجازتها؛ لأن الحق دائر فيها بين الميت، وورثته، وقد أجمعوا على إجازتها للموصى له، فإن قال للمساكين إلا أن يجيزوه لابني فقال المدنيون: تجوز وقال به من المصريين ابن القاسم، وابن وهب، وقاله أصبغ استحسانا قائلاً: فيه بعض المغمز.
وقال أشهب: تبطل قال أصبغ وهو القياس.
(الوصايا خارجة من الثلث):
ظاهر كلامه أن الثلث ماض، ولو قصد بذلك الضرر، وهو كذلك في أحد القولين، ومثل هذا الخلاف إذا وهبت ذات الزوج ثلث مالها على وجه الضرر.
فقيل: إنه جائز قاله ابن القاسم، وأصبغ، وقيل: لا يجوز رواه ابن حبيب، واختار اللخمي الأول قائلاً: قد اختلف في الوصية بالثلث على وجه الضرر.
وظاهر كلام الشيخ أيضًا أنه يدخل في ثلث الميت، ما لم يعلم به، وهو كذلك بالنسبة إلى المدبر في الصحة باتفاق، واختلاف في المدبر في المرض والمبتل فيه على أربعة أقوال ثالثها يدخل المبتل دون المدبر، ورابعها عكسه.
وأما الوصايا بالمال فالمعروف من المذهب أن ما لم يعلم به إلى حين الموت لا يدخل نص عليه المفيد.
قال ابن عبد السلام: ولم أر فيه خلافًا سوي ما ذكر اللخمي حيث قال: اختلف في دخول الوصايا ما لم يعلم به الموصي. قال: فأرى أن يكون ذلك على ثلاثة أقسام فإن كانت الوصايا بالثلث لم يكن لأهل الوصايا غير ثلث ما علم به أوصى لواحد أو لجماعة معينين أو مجهولين فإنه هو الذي أعطاهم الميت فلا يزاد عليه، وإن كانت الوصية بغير الثلث بواجبات من زكاة أو عتق عن ظهار وشبه ذلك، وضاق الثلث تممت مما لم يعلم به ومشي في بقية كلامه بنحو من هذا، وهو العمل على ما يفهم من قصد الموصي، وعلى الأول لو اشتهر غرق سفينة ثم أوصي ثم ظهرت السلامة فهل تدخل أم لا؟
في ذلك قولان، والمنصوص في العبد الآبق والبعير الشارد إذا اشتهر موتها ثم ظهرت السلامة قولان كغرق السفينة.