والله أعلم – ولذا ينبغي حمل الخلاف على أنه خلاف في حال.
(ولا يرجع الرجل في صدقته ولا ترجع إليه إلا بالميراث):
كلام الشيخ رحمه الله يحتمل الوجهين الكراهة والتحريم، وظاهره أن الهبة بخلاف ذلك قال اللخمي: واختلف في خمسة مواضع هل النهي على الوجوب أو على الندب؟ وهل النهي عن الشراء من المتصدق عليه أم منه أو ممن صارت إليه؟ وهل تدخل في ذلك الصدقة الواجبة أو لا؟ وهل الهبة كالصدقة أم لا؟ وهل المنافع كالرقاب أم لا؟ وهل العود بالثمن أو بغيره؟ فذكر في الأول المشهور من المذهب أن النهي في ذلك على الندب.
قال مالك: لا ينبغي أن يشتريها، وقال: يكره، وقال الداودي: هو حرام وظاهر الموازية لا يجوز قال: والأول أحسن لأن المثل ضرب لنا بما ليس بحرام.
قلت: واعترض بعض شيوخنا ما استدل به بأن التعليل يدل على ذم الفاعل لتشبيهه بالكلب العائد في قيئه، والذم على الفعل يدل على حرمته.
وقال عز الدين بن عبد السلام وأبعد اللخمي عن ذكر قواعد أصول الفقه حسبما قاله المازري في صلاة الجنازة. قال: هذا والله أعلم، وكذلك قول ابن عبد السلام المشهور الكراهة فيه نظر؛ لأن ظاهر كلام اللخمي فبما حكاه عن الموازية أن معنى لا يجوز الحرمة، وهو لفظ المدونة وسماع ابن القاسم ولم يحك ابن رشد في سماع عيسى غير لفظ لا يجوز.
قلت: تبع ابن عبد السلام اللخمي في تصريحه بالمشهور كما تقدم إذ معنى كلامهما واحد إلا أن عبارة ابن عبد السلام أشد لأنهما يتكلمان في النهي وليس الندب من عوارضه.
وظاهر كلام شيخنا أنه انفرد به وليس كذلك.
قال التادلى: واختلف إذا أخرج لسائل كسرة فلم يجده على ثلاثة أقوال ثالثها لابن رشد: إن أخرجها لسائل معين أكلها، وإلا فلا وفي النوادر: ولو أخرجها لسائل فلم يقبلها فليعطها لغيره وهو أشد من الذي لم يجده وفرق ابن رشد في بيانه بينهما بأنه لما أن وجده فأبي أن يقبلها وقد كان له أن يقبلها فردها أشبه عند ردها إليه بعد قبوله إيهاها ولعله إنما ردها إليه ليعطيها لغيره مثل أن يقول له أنا لا حاجة لي بها فادفعها لغير فيكون ذلك قبولا منه لها، ويكون بذلك راجعا في صدقته.
(ولا بأس أن يشرب من لبن ما تصدق به ولا يشتري ما تصدق به):