يريد بلا بأس هنا لما غيره خير منه قال الفاكهاني: الظاهر أن هذا خلاف قول المدونة في كتاب الصدقة، ومن تصدق على أجنبي بصدقة لم يجز له أن يأكل من ثمرتها، وأي فرق بين اللبن والثمرة فانظره.
ونحوه قول شيخنا أبي مهدي رحمه الله تعالى: الصواب أن له الأكل من الثمرة كاللبن.
قلت: ويظهر لي فرق بينهما من حيث المعني، وهو أن الابتذال في اللبن أغلب من الثمرة والله أعلم.
قال التادلي: وانظر هل يأكل من ربح ما تصدق به يجري على حكم اللبن بل هو أجوز منه والله أعلم، وإذا تصدق بداية فلا ينتفع بركوبها قاله في كتاب الصدقة من المدونة بأثر ما تقدم عنها.
وزعم ابن عبد السلام: أن المشهور الجواز وعزا عدم الانتفاع لعبد الملك، واختاره بعض الشيوخ للأحاديث الواردة في هذا الباب وأما العرية فقد تقدم أن ذلك إنما جاز للضرورة أو لقصد المعروف.
(والموهوب للعوض إما أثاب القيمة أو رد الهبة فإن فاتت فعليه قيمتها، وذلك إذا كان يرى أنه أراد الثواب من الموهوب له):
ما ذكر الشيخ أن الموهوب إذا أتي بالقيمة لا مقال للواهب هو المشهور، وقال مطرف: يخير الواهب حينئذ فإن شاء سلمها له بذلك، وإن شاء استرجع هبته حتى يرضي كذا عزاه أكثرهم، وعزاه ابن رشد له ولروايته وعزاه الباجي له ولسماع ابن القاسم وأبهم اللخمي روايته فعزاه له، ولمالك، ونقل الفاكهاني عن الباجي مثل عزو ابن رشد، وهو غلط لا شك فيه، وهذا القول هو قائم من كتاب الشفعة من المدونة، قال فيها: ولو أثابه بعد تغييرها أضعاف القيمة قبل قيام الشفيع ثم قام لم يأخذ إلا بذلك كالثمن الغالى وإنما يهب الناس ليعارضوا أكثر.
قال مطرف وهو ظاهر قول عمر رضي الله عنه قال في الموطأ: ومن وهب هبة يرى أنه أراد الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها.
وظاهر كلام الشيخ أن الموهوب بالخيار ولو قبض الشيء الموهوب، وهو كذلك في المشهور وروى ابن الماجشون عن مالك أن القبض فوت يوجب القيمة، ولابن القاسم أن حوالة الأسواق فوت، وقاله أشهب، وأصبغ، وظاهر كلامه أن الزيادة والنقصان مما تفوت به الهبة فتلزم القيمة.
قال الباجي: وهو المشهور عن مالك، وقاله ابن القاسم، ولمالك وأشهب أن