للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواهب مع ذلك فلا أثر له، وأيضًا لو كان هذا التعليل صحيحا لما افترق الحكم بين هبة الحاضر والغائب فالصواب عنده تعليل المسألة بأن الإشهاد هو غاية المقدور عليه في التحويز فإن موت الموهوب لا يضر في الحيازة ألا ترى إلى قوله في المسألة التي قبل هذا: وما اشترى الرجل من هدية لأهله في سفره من كسوة ونحوها ثم مات قبل أن تصل إلى بلده فإن كان أشهد على ذلك فهي لمن اشتراها له، وإن لم يشهد فهي ميراث فقد أمضى، هذه الهدية مع عدم القبول.

(ومن حبس دارًا فهي على ما جعلها عليه إن حيزت قبل موته ولو كانت حبسًا على ولده الصغير جازت حيازته له إلى أن يبلغ وليكرها له ولا يسكنها):

اعلم أن المذهب وبه قال أكثر العلماء في الحبس أنه مندوب إليه.

قال بعض شيوخنا: ويتعذر عروض وجوبه بخلاف الصدقة، وقال أبو حنيفة وأصحابه ممنوع لقوله تعالى: (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام) [المائدة: ١٠٣]

وما في معني هذا من الآي وليس معناه كما ظنوه إذ مقتضي الآية الكريمة توبيخهم على اتباع خطوات الشيطان وليس ما يحبسه الإنسان على ولده أو غيره بشيء من ذلك بل هي قربة، وأيضًا فقد وقع الإجماع على تحبيس المساجد والطرقات، والقناطر وللقوم احتجاج يطول جلبه ورده فمن شاءه فلينظره في المطولات.

قال الباجي: وقد نزع أبو يوسف عن مذهبه إلى مذهب مالك لما ظهر عليه مالك في مجلس الرشيد، وقال: هذه أوقاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلها أهل المدينة خلفهم عن سلفهم يشير بذلك إلى الخير المتواتر، وهذا فعل أهل الدين والعلم في الرجوع إلى الحق متى ظهر، وتبين ولا خلاف عندنا أنه يصح في العقار المملوك لا

<<  <  ج: ص:  >  >>