التوثق، وتعقبه ابن عبد السلام، بقوله: الثاني: هو مذهب المدونة، وأما الأول فشاذ على نظر في صحة نسبته إلى المذهب.
(وإن قال ذهبت فهو مصدق بكل حال):
ما ذكر الشيخ هو كذلك باتفاق، واختلف في حلفه على ثلاثة أقوال: فقيل: يلزمه قاله ابن نافع وعليه حمل الفاكهاني قول الشيخ، وقيل: لا يحلف نقله اللخمي، وقيل: إن كان متهما حلف وإلا فلا، نقله أبو محمد عن أصحاب مالك رحمه الله وبه فسر ابن يونس المدونة في قولها صدق وصرح ابن رشد بأنه المشهور.
قال: ولو حققت الدعوى توجهت اليمين باتفاق، وقال ابن الحاجب: فيها وفي التي قبلها: وأما المتهم فيحلف باتفاق وهو قصور لما تقدم من الخلاف قاله ابن عبد السلام، وتعقبه خليل.
قلت: وهو خلاف قوله في الزكاة فإن قال: قراض أو وديعة أو على دين أو لم يحل الحول صدق ولم تحلف فإن أشكل أمره فثالثها بحلف المتهم كأيمان التهم.
(والعارية: لا يصدق في هلاكها فيما يغاب عليه):
لا حاجة إلى هذا بعد قوله قبل، والعارية مؤداة، واختلف قول مالك لو قامت بينة فيما يغاب عليه فإنه لم يتعد وأخذ ابن القاسم بعدم الضمان وأشهب بعكسه، ولم يحفظها ابن يونس وذكر ابن الحاجب قولين لهما وحكاهما ابن الجلاب روايتين.
(ومن تعدى عله وديعة ضمنها):
ما ذكر هو كذلك باتفاق كما إذا أودعها لغير عذر، واختلف في مسائل يتردد النظر هل هو متعد فيها أم لا؟ فمن ذلك إذا نزى على بقرة وشبهها فعطبت به أو ماتت من الولادة، فقال ابن القاسم في المدونة: يضمن، وقال أشهب: لا يضمن قائلاً: إنزاؤه عليه أرجح؛ لأنه مصلحة، ولو ختن المودع علجا أسلم عنده، وهو يطيقه فمات فإنه ليس بمتعد اتفاقًا وسواء قلنا: الختان واجب أو سنة على ما تقدم قاله شيخنا أبو مهدي رحمه الله وكذلك اختلف إذا وضع الوديعة في جيبه فضاعت فهل يضمنها أم لا على قولين حكاهما ابن شعبان.
والذي أفتى به بعض شيوخنا: أنه لا يضمن قائلاً: لا ينبغي اليوم أن يختلف فيه ومن ذلك اختلف ابن القاسم، وأشهب، فيما إذا أودعها زوجته وخادمة المعتادة عنده لذلك فقال ابن القاسم: لا يضمن خلافًا لأشهب.
وأما عكسها، وهي إذا أودعت المرأة زوجها وديعة فضاعت فأظن أن عياضًا