حكى في مداركه فيها خلافًا لما عرف بأحمد بن صالح الفهري عرف بابن الطبري من أصحاب ابن وهب فانظره فإنه قد تعذر علي الآن، وفي المعنى لا فرق وهذا الفصل متسع جداً.
(وإن كانت دنانير فردها في صرتها ثم هلكت فقد اختلف في تضمينه):
اعلم أنه اختلف المذهب في المسألة على أربعة أقوال فقال مالك وابن القاسم في المدونة، ومحمد: لا يضمن، وبه قال أشهب، وعبد الحكم، وأصبغ وهو المشهور، وقيل: يضمن رواه يحيى بن عمر عن مالك، وهو قول المدنين.
وقال ابن الماجشون: وإن كانت مربوطة أو مختومة لم يبرأ إلا بردها إلى ربها وكذلك إن كان سلف بعضها ضمن جميعها، ولو أشهد على إخراجها من ذمته لم يبرأ إلا بردها لربها، والجميع ذكره اللخمي إلا أنه لم يعز إلا الثلاث الأول فقط، وقيل: إن ردها كما كانت بإشهاد برئ قاله مالك، وأخذ به ابن وهب وعلى الأول فاختلف في اليمين فقيل: لا يخلف، وهو ظاهر المدونة قاله الباجي، وأشار أبو محمد إليه بقوله لم يذكر في المدونة يمينا، وقيل: يحلف قاله ابن المواز، وابن الماجشون في المبسوط.
وقيل: إن تسلفها بغير بينة فالأول وإلا لم يصدق إلا بينة قال في الموازية، ولم يعزه اللخمي بل ذكره اختيارًا له وقيل: إلا أن يكون إشهاده لخوف موته حفظ الحق المودع فيبرأ، وإن لم يشهد على ردها.
قال ابن شعبان: من أودع وديعة وقال له: تسلف منها إن شئت فتسلق لم يبرأ يردها إلا إلى ربها.
وقال ابن رشد، واللخمي: لا يختلف فيه؛ لأن السلف من ربها وهذا التوجيه الذي ذكرنا هـ ذكره الباجي أيضًا وقال عندي إنه يبرأ بردها.
(ومن اتجر بوديعة فذلك مكروه والربح له إن كانت عينا):
ذكره التجر طردي، وإنما المراد تسلفها، وما ذكر من الكراهة، وهو أحد الأقوال الستة، وبه قال مالك في سماع أشهب، وعليه يحمل منع مالك في كتاب اللقطة من المدونة، وقيل: إنه جائز إن أشهد قاله في سماع أشهب ثانيًا.
وقيل: إن كانت مربوطة أو مختومة لم يجز قاله عبد الملك، ولما ذكر اللخمي هذه الأقوال الثلاثة قال: وأرى إن علم عدم كراهته المودع لذلك جاز، وإن علم كراهته لم يجز، وإن أشكل أمره كره.
قلت: وسمع أشهب ترك تسلفها أحب إلي فجعله بعض شيوخنا خامسًا بناء على