قلت: قال بعض شيوخنا: وفيه نظر؛ لأنه نقلها لنفسه، وإن أتى بالشاة من الفلاة إلى العمارة فلها حكم اللقطة فإن أتى ربها أخذها قاله أصبغ أيضًا، وقال اللخمي: والقياس لا شيء فيها لربها؛ لأنه نقلها بعد أن ساغ له ملكها ولولا ذلك لما نقلها، وأجابه بعض شيوخنا بأن المملوك له منها الانتفاع بها لا ملكها.
وقال ابن رشد: تعقب التونسي قول أصبغ إذا قدم بها مذبوحة، وقال: الأصوب عدم أكله إياها، وإن يبيعها، ويوقف ثمنها؛ لأن الإباحه إنما كانت حيث لا ثمن لها، وهو صحيح، فيتحصل من هذا ثلاثة أقوال: قول أصبغ، وقول سحنون وقول التونسي.
وأما إذا وجد ما يفسد كالطعام وكان كثيرًا فلا يخلو إما أن يكون مما لا يخشى تلفه كوجوده في رفقة مأمونة أو قرية أم لا؟ فالأول: إن أكله أو تصدق به، واختلف في ضمانه له على ثلاثة أقوال: فقيل: إنه يضمنه أكله أو تصدق به وهو ظاهر قول أشهب يبيعه، ويعرف بثمنه وقيل: بعكسه، وهو ظاهر المدونة وقيل: إن أكله ضمنه، وإن تصدق به لم يضمنه قاله ابن حبيب.
وأما الثاني فيجوز له أكله ولا شيء عليه وهذه طريقة ابن رشد في المقدمات وما ذكر اللخمي الثلاثة في التافه وغيره وعزاه الأول كما تقدم والثاني لمالك والثالث لمطرف قال: وأرى فيما لا يطلبه ربه غالبًا لقلته لا شيء فيه إذا أكله أو تصدق به، وأما ما الغالب طلبه فعلى واجده حفظه لبقائه على ملك ربه فذكر كما ترى الأقوال في الكثير واليسير.
(ومن استهلك عرضًا فعليه قيمته):
ما ذكر أن العرض تلزمه فيه القيمة هو المشهور، وحكى الباجي عن مالك قوله بأن جميع المتلفات مثليه كقول أبي حنيفة والشافعي.
قال المازري: كذا في نسخ المنتقي وأراه وهما.
قلت: وحكاه عنه ابن زرقون، ولم يتعقبه، ولا نقل كلام المازري، مع أنه نقل عنه في غير موضع.
(وكل ما يوزن أو يكال فعليه مثله):
ظاهر كلام الشيخ أن من استهلك غزلا فعليه مثله، وهو كذلك عند غير ابن القاسم، وهو أشبه.