وقال ابن القاسم: تلزمه قيمته وكلاهما في المدونة وهي أول مسألة من كتاب تضمين الصناع.
فإن قلت: وهل حكم سلف الغزل يتنزل منزلة استهلاكه فيختلف فيه أم لا؟ قلت: ليس كذلك بل نقل ابن يونس في أوائل الجعل والإجارة عن البراذعي وعن محمد بن أبي زيد أنه يرد مثله، وسألت شيخنا أبا مهدي: هل تحفظ خلافة؟ قال: لا، وهو صواب؛ لأنه فرق بين السلف والاستهلاك، وكذلك اختلف ابن القاسم، وأشهب فيمن استهلك حليا إلا أن قول اشهب ليس هو في المدونة، وإنما نقله ابن يونس والأصل قول أشهب ولذلك قال بعض شيوخ الفاكهاني: الأصل أن يحكم في ذوات الأمثال بالمثل إلا في أربع مسائل: الأولى: مسألة الغزل.
الثانية: من فدى أسيرًا بدار الحرب بقنطار قطن مثلاً فإنه يأخذ قيمته ببلد الإسلام؛ لأنه لو أخذ القطن ربما أضر بالمفتدى.
الثالثة: إذا وهب لغيره هبة ثواب مما يكال أو يوزن فيفوت فعليه قيمته، وهل له أن يعطيه مثله؟ فقال ابن القاسم: ليس له ذلك خلافًا لأشهب.
الرابعة: إذا كان لشريكين على رجل قنطار كتان مثلاً فاقتضى أحدهما منه نصفه فدخل معه شريكه فيما اقتضى، وقلنا: إنه يرجع الآخر بالنصف الثاني، فقبضه منه فعليه أن يعطيه قيمة نصفه لشريكه.
وأما من قال: يرجعان جميعا فلا تخرج هذه المسألة عن الأصل.
وزاد الفاكهاني مسألة خامسة: وهي من اشترى صبرة جزافا فأتلفها البائع أو غيره فإنما فيها القيمة لا المثل ذكر ذلك عند تكلمه على كلام الشيخ، وكل بيع فاسد فضمانه من البائع.
ومسألة الحلي السابقة سادسة: وظاهر كلام غير واحد أن المعدود من ذوات القيم بالإطلاق.
وقال ابن رشد: المعدود الذي لا تختلف أعيان عدده كالجوز والبيض مثلي، قلت: وأما اللؤلؤ الصغير القدر جداً الذي لا يباع إلا وزنا فهو مثلي أيضًا بخلاف ما فوقه فإنه من ذوات القيم لكمال تباين آحاده، ولذلك قال في المكاتب لا تجوز الكتابة على لؤلؤ غير موصوف لتقارب الإحاطة بصفته يريد بصفة الوسط منه قاله بعض شيوخنا.