ما ذكر الشيخ هو المشهور عن مالك وكرهه في رواية أشهب، والمصافحة وضع أحد المتلاقين كفه على باطن الآخر إلى الفراغ من السلام والكلام، قال التادلي: وفي تشديد كل واحد منها على الآخر كونه يشعر بالمبالغة في المودة قولان ولا يقبل كل واحد منهما بعد الفراغ يد نفسه ولا يصافح الرجل امرأة وإن كانت متجالة ولا مبتدعا ولا كافر والأصل في المصالحة ما رواه الترمذي عن أنس قال: قال رجل يا رسول الله الرجل منا يلقي أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال "لا" قال أفيلزمه ويقبله؟ قال "لا" قال: فيأخذه ويصافحه قال: "نعم" قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
وروى الترمذي أيضا عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر الله لهما قبل أن يفترقا" قال ابن رشد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصافحوا يذهب عنكم الغل وتهادوا تحابوا وتذهب عنكم الشحناء" قلت: ظاهر الحديث السابق إن مطلق انحناء الرأس منهي عنه وأفتى بعض من لقيناه من القرويين غير ما مرة بجوازه إذا كان إنحناء لا يصدق عليه الركوع شرعا زعاما أن عز الدين بن عبد السلام قال ذلك، وأما السجود وما أشبهه فلا يجوز وشاهدت بعض الطلبة الجهال، وكان مؤدبا جاء إلى شيخنا أبي مهدي حفظه الله تعالى في مدرسة عنق الجمل بتونس وتلقاه لما قام من مجلسه وسجد بين رجليه وجاء ليشتكي له بإنسان فصاح عليه وانتهره وهرب منه وظهر على وجهه الغضب لكونه خالف السنة وحلف له بالله ما يسمع في ذلك الموضع كلمة واحدة.
(وكره مالك المعانقة وأجازها ابن عيينة) إتيان الشيخ رحمه الله بقول ابن عيينة في هذه المسألة دون غيرها كان فيه الإشارة إلى قوته عند كإتيان سحنون بقول الغير في المدونة والله أعلم قال التادلي: المعانقة جعل الرجل عنقه على عنق الآخر وفيها أقوال ثالثها: يجوز إذا كان عن طول غيبة وإلا كرهت وظاهره أن الخلاف مذهبي وذكر غير واحد أن ابن عيينة دخل على مالك فصافحه وقال: يا أبا محمد لولا أنها بدعة لعانقتك فقال سليمان بن عيينة: عانق من هو خير منك ومني يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال مالك جعفر قال نعم قال ذلك حديث صحيح خاص يا أبا محمد ليس بعام.