الثالثة: إذا ثبتت رؤية الهلال في بلد ما شرعاً؛ وجب على المسلمين كافة الأخذ بذلك، دون النظر إلى حساب أو تشكيك، فإن هذا من التنطع، والتفريق للأمة المنهي عنه.
الرابعة: إنّ دعوى ((اختلاف المطالع)) بمعنى أنه يطلع على بلد دون بلد، وهم على خط طول واحد .. ، أو أنه يطلع على بلد غربي, ثم بلد شرقي, ثم بلد شمالي؛ هي دعوى غير صحيحة؛ من حيث الشرع، ومن حيث الواقع الفلكي، فإن للقمر إهلالة واحدة على الأرض، ثم تتابع هذه الإهلالة على الأرض وتكبر حسب خطوط الطول خطاً خطاً .. أي كلما اتجهنا نحو الغرب, حتى يهل على العالم كله في ليلة واحدة.
ولا يقال يتتابع إهلاله على الأرض دولة دولة، لأن الدول تتداخل مع خطوط الطول، ولا تنضبط لتفاوت مساحاتها، وتعرج حدودها.
فأما إذا كان المقصود بـ ((اختلاف المطالع)): أن القمر يهل على خطِّ طولٍ معين، ثم يتتابع ظهوره على خطوط الطول خطا خطاً، أو بلداً بلداً .. من الشرق إلى الغرب؛ فصحيح، ولكن دون نظر إلى الحدود السياسية.
وأما إن كان المقصود بـ ((اختلاف المطالع)): أن لكل دولة مطلعها، وأن الهلال يطلع على الشام ولا يطلع على العراق، ويطلع على السعودية ولا يطلع على البحرين، ويطلع على مصر ولا يطلع على السودان، فهذا من أبطل الباطل، وهي مقولة تخالف الشرع ولا تتفق مع واقع حقيقة الفلك.
وإذا سلّمنا جدلاً؛ أنّ لكل بلد مطلعه فيقال: ما معنى البلد؟ وما تعريفه؟ هل هو حسب الحدود السياسية التي رُسمت للأمة وفرقتها؟ ! أم حسب الاصطلاح الجغرافي؟ وهل القمر يعترف بهذا؟ ! أو حتى يعرف هذا؟ !
ثم ما هي مساحة البلد المقصود بقولهم:((لكل بلد مطلع))؟ فهناك بلد مساحته ملايين الأميال المربعة، وهناك بلد لا يتجاوز مساحته العشرات.
ثم إن البلد الكبير (الدولة) فيه بُلدان (مدن) صغيرة كثيرة، فهل تكون الرؤية للبلد الكبير كله؟ ؟ أم لكل بلد صغير رؤيته؟ ؟