للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كل هذا يشير إلى تناقض أصحاب ((اختلاف المطالع))، ويدل على بطلانه، بل على عدم وجوده أصلاً .. إلاّ في أذهان قائليه.

وأما حديث كريب الذي يحتجون به، فخلاصته: وهو أن كريباً طلب من ابن عباس وهو في المدينة، أن يفطروا على رؤية أهل الشام، فأبى ابن عباس ذلك؛ فليس فيه أن لكل بلد مطلعه وإنما فيه طلب أن يصوم أهل المدينة على رؤية أهل الشام .. وهذا هو الأصل فأبى ابن عباس ذلك .. وهذا هو الصواب وقتئذ، فإذا صاموا على رؤية أهل الشام فلا يمكنهم معرفة رؤية أهل الشام لهلال شوال؛ لانعدام الاتصالات المباشرة، لذلك كان لزاماً أن يصوم أهل كل بلد يومئذ حسب رؤيتهم، وهذا ما يفيده رأي ابن عباس، وذلك لتعذر بلاغ الرؤية للجميع - يومئذ - وليس في حديث كريب أن لكل بلد سياسي مطلعه، ولكل قطر جغرافي هلاله.

ثم لو كان الأمر أن لكل بلد مطلعهم، لقيل: ما هي حدود هذا البلد في عهد الصحابة حتى يصوم أهله .. ؟ ما هي المساحة التي يصوم فيها المسلمون ولا يصومون بعدها .. ؟ ولو أمعن الناس النظر في هذه المسألة، لأدركوا خطأ بل فساد القول بأنَّ ((لكل بلد مطلعه)).

وأما الجواب الصحيح عن حدود البلد التي يصوم المسلمون فيها، فهو حدود علمهم أن الهلال قد هلّ ... فمن بلغه الخبر صام، أو أفطر، ومن لم يبلغه لم يصم، ولم يفطر، وذلك لأن الشرع أناط الأحكام بعلم الإنسان بها، ولم ينطها ببلد, أو حدود, أو ما شابه ذلك.

فإن قال قائل: "لكل بلد مطلعه"، حسب إمام البلد حتى لا يتفرق المسلمون فيه.

قلت: لا شك بوجوب صوم البلد السياسي جميعاً وطاعة الإمام في ذلك .. وذلك حتى لا يتفرقوا .. لكن لا يُقال "لكل بلد مطلع"، وإنما يُقال: على أهل البلد اتباع أمامهم في الصوم خشية التفرق، فهذا حكم .. والقول بأن: "لكل بلد مطلع قمري" خاص به حكم آخر، فإن الأول صحيح والآخر باطل.

الخامسة: بناء على ما سبق فيجب على المسلمين أن يصوموا عند علمهم بالرؤية الشرعية, دون النظر إلى حدود, ولا بلدان, ولا جوازات سفر.

<<  <   >  >>