لكن أقول: إن الذي خلقني وخلق هذا العالم كله هو الله ربي، وأنا أعبده - وحده - ولا أشرك معه أحدًا. ولولا قلت عند دخولك جنتك والنظر إلى ما فيها: هذا ما شاء الله ولا قوة لي على تحصيله إلا بمعونة الله، فيكون ذلك شكرًا كفيلًا بدوام نعمتك. ثم قال له: إن كنت تراني أقل منك مالًا وأقل ولدًا ونصيرًا، فلعل ربي يعطيني خيرًا من جنتك في الدنيا أو الآخرة، ويرسل على جنتك قدَرًا قدَّره لها كصواعق من السماء، فتصير أرضًا ملساء لا ينبت فيها شيء، ولا يثبت عليها قدم. أو يصير ماؤها غائرًا في الأرض لا يمكن الوصول إليه، فلا تقدر على إخراجه لسقيها. قد عاجل الله الكافر، وأحاطت المهلكات بثمار جنته، وأهلكتها، وأبادت أصولها، فأصبح يقلب كفيه ندمًا وتحسرًا على ما أنفق في عمارتها، ثم عاجلها الخراب، فتمنى أن لم يكن أشرك بربه أحدًا. عند هذه المحنة لم تكن له عشيرة تنصره من دون الله كما كان يعتز، وما كان هو بقادر على نصرة نفسه. فإن النصرة في كل حال ثابتة لله الحق - وحده - وهو - سبحانه - خير لعبده المؤمن يجزل له الثواب ويحسن له العاقبة. (١) «اجتماع الجيوش الإسلامية» (١/ ٧١) ط الرشد، وانظر: «المثل الثاني من سورة البقرة»، و «عدة الصابرين» (ص/ ٣٣٣) ط عالم الفوائد. قال ابن كثير ﵀: يقول تعالى: ﴿وَاضْرِبْ﴾ يا محمد للناس ﴿مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ في زوالها وفنائها وانقضائها ﴿كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ﴾ أي: ما فيها من الحَبّ، فشب وحسن، وعلاه الزهر والنور والنضرة =