للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[سورة إبراهيم]

٢٤ - قال : ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ

فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٨)[إبراهيم: ١٨].

فَشَبَّهَ أَعْمَالَ الْكُفَّارِ فِي بُطْلَانِهَا وَعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِرَمَادٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ؛ فَشَبَّهَ سُبْحَانَهُ أَعْمَالَهُمْ فِي حُبُوطِهَا وَذَهَابِهَا بَاطِلًا كَالْهَبَاءِ المَنْثُورِ لِكَوْنِهَا عَلَى غَيْرِ أَسَاس مِنْ الْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ، وَكَوْنِهَا لِغَيْرِ اللهِ ﷿ وَعَلَى غَيْرِ أَمْرِهِ: بِرَمَادٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ الْعَاصِفُ فَلَا يَقْدِرُ صَاحِبُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ وَقْتَ شِدَّةِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ؛ فَكذَلِكَ قَالَ: ﴿لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ﴾ لَا يَقْدِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِمَّا كَسَبُوا مِنْ أَعْمَالِهِمْ عَلَى شَيْءٍ، فَلَا يَرَوْنَ لَها أَثَرًا مِنْ ثَوَابٍ وَلَا فَائِدَةٍ نَافِعَةٍ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ، مُوَافِقًا لِشَرْعِهِ.

وَالْأَعْمَالُ أَرْبَعَةٌ، فَوَاحِدٌ مَقْبُولٌ وَثَلَاثُةٌ مَرْدُودَةٌ؛ فَالمَقْبُولُ الْخَالِصُ الصَّوَابُ، فَالْخَالِصُ: أَنْ يَكُونَ لِلهِ لَا لِغَيْرِهِ، وَالصَّوَابُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا شَرَعَهُ اللهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ، وَالثَّلَاثَةُ المَرْدُودَةُ مَا خَالَفَ ذَلِكَ.


= وكثيرًا ما يقرن الله تعالى بين صفة الجنة وصفة النار، ليرغب في الجنة ويحذّر من النار؛ ولهذا لما ذكر صفة الجنة بما ذكر، قال بعده: ﴿تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾ كما قال تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)﴾
[الحشر: ٢٠]. انتهى مختصرًا.

<<  <   >  >>