للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣)[الأحقاف: ٣٣].

ثم أخذ سبحانه ذلك وبينه بيانًا آخر يتضمن مع إقامة الحجة دفع شبهة كل ملحد وجاحد؛ وهو أنه ليس في فعله بمنزلة غيره الذي يفعل بالآلات والكلفة والتعب والمشقة ولا يمكنه الاستقلال بالفعل بل لا بد معه من آلة ومشارك ومعين، بل يكفي في خلقه لما يريد أن يخلقه ويكونه نفس إرادته وقوله للمكون: كن، فإذا هو كائن كما شاءه وأراده.

فأخبر عن نفاذ مشيئته وإرادته وسرعة تكوينه وانقياد المكون له وعدم استعصائه عليه.

ثم ختم هذه الحجة بإخباره أن ملكوت كل شيء بيده فيتصرف فيه بفعله وهو قوله: ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [يس: ٨٣].

فتبارك الذي تكلم بهذا الكلام الذي جمع في نفسه بوجازته وبيانه وفصاحته وصحة برهانه كل ما تلزم الحاجة إليه من تقرير الدليل، وجواب الشبهة، ودحض حجة الملحد، وإسكات المعاند بألفاظ لا أعذب منها عند السمع، ولا أحلى منها ومن معانيها للقلب، ولا أنفع من ثمرتها للعبد (١).

* * *


(١) الصواعق المرسلة (٢/ ٤٧٣ - ٤٧٧)، وانظر: «إعلام الموقعين» (٢/ ٢٦٠).

<<  <   >  >>