وانظرها في مواطنها من هذا الكتاب ففيها تفصيل للمثل المذكور. قال ابن عاشور ﵀: فمُثلت حالة إنزال القرآن واهتداء المؤمنين به والوعدُ بنماء ذلك الاهتداء، بحالة إنزال المطر ونبات الزرع به واكتماله. وهذا التمثيل قابل لتجزئة أجزائه على أجزاء الحالة المشبه بها: فإِنزال الماء من السماء تشبيه لإِنزال القرآن لإِحياء القلوب، وإسلاكُ الماء ينابيع في الأرض تشبيه لِتبليغ القرآن للناس، وإخراج الزرع المختلف الألوان تشبيه لحال اختلاف الناس من طَيِّب وغيره، ونافع وضار، وهياج الزرع تشبيه لِتكاثر المؤمنين بين المشركين. وأما قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا﴾ فهو إدماج للتذكير بحالة الممات واستواءِ الناس فيها من نافع وضار. وفي تعقيب هذا بقوله: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ [الزمر: ٢٢، ٢٣] إشارة إلى العبرة من هذا التمثيل.