﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ أي: غير متغير، لا بوخم ولا بريح منتنة، ولا بمرارة، ولا بكدورة، بل هو أعذب المياه وأصفاها، وأطيبها ريحًا، وألذها شربًا. ﴿وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ﴾ بحموضة ولا غيرها، ﴿وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ﴾ أي: يلتذ به شاربه لذة عظيمة، لا كخمر الدنيا الذي يكره مذاقه ويصدع الرأس، ويغول العقل. ﴿وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى﴾ من شمعه، وسائر أوساخه. ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ من نخيل، وعنب، وتفاح، ورمان، وأترج، وتين، وغير ذلك مما لا نظير له في الدنيا، فهذا المحبوب المطلوب قد حصل لهم. ثم قال: ﴿وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ يزول بها عنهم المرهوب، فأي هؤلاء خير أم من هو خالد في النار التي اشتد حرها، وتضاعف عذابها، ﴿وَسُقُوا﴾ فيها ﴿مَاءً حَمِيمًا﴾ أي: حارًّا جدًّا، ﴿فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾. فسبحان من فاوت بين الدارين والجزاءين، والعاملين والعملين.