للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذا السياق لا يختص بالذي ذُكِرَت عنه هذه القصةُ بل هو عامٌّ في كل من أطاع الشيطان في أمره له بالكفر لينصره ويقضي حاجته فإنه يتبرأ منه ويسلمه كما يتبرأ من أوليائه جملة في النار ويقول لهم: ﴿إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ﴾ [إبراهيم: ٢٢]. فأوردهم شر الموارد وتبرأ منهم كل البراءة.

وتكلم الناسُ في قول عدو الله: ﴿إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ﴾ فقال قتادة وابن إسحاق: صدق عدو الله في قوله: ﴿إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ﴾ [الأنفال: ٤٨]. وكذب في قوله: ﴿إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ﴾ والله ما به مخافة الله ولكن علم أنه لا قوة له ولا منعة فأوردهم وأسلمهم وكذلك عادة عدو الله بمن أطاعه.

وقالت طائفة: إنما خاف بطش الله تعالى به في الدنيا كما يخاف الكافر والفاجر أن يقتل أو يؤخذ بجرمه لا أنه خاف عقابه في الآخرة وهذا أصح وهذا الخوف لا يستلزم إيمانا ولا نجاة.

قال الكلبي: خاف أن يأخذه جبريل ويعرفهم حاله فلا يطيعونه (١)، وهذا فاسد فإنه إنما قال لهم ذلك بعد أن فر ونكص على عقبيه، إلا أن يريد أنه إذا عرف المشركون أن الذي أجارهم وأوردهم إبليس لم يطيعوه فيما بعد ذلك، وقد أبعد النجعة إن أراد ذلك وتكلف غير المراد.


= وكادا للمسلمين.
وجملة ﴿وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾ تذييل، والإِشارة إلى ما يدل عليه ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ﴾ من معنى، فكانت عاقبتهما سوأى والعاقبة السّوأى جزاء جميع الظّالمين المعتدين على الله والمسلمين، فكما كانت عاقبة الكافر وشيطانه عاقبة سوء كذلك تكون عاقبة الممثلين بهما وقد اشتركا في ظلم أهل الخير والهدى.
(١) انظر: «تفسير البغوي» (٣/ ٣٦٧).

<<  <   >  >>