﴿فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ﴾ أي: لما كان وقت الصبح نادى بعضهم بعضًا ليذهبوا إلى الجَذَاذ. ﴿أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ﴾ أي: تريدون الصرام. ﴿فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ﴾ أي: يتناجون فيما بينهم بحيث لا يُسمعون أحدًا كلامهم. ثم فسر الله عالم السر والنجوى ما كانوا يتخافتون به، فقال: ﴿فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (٢٣) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤)﴾ أي: يقول بعضهم لبعض: لا تمكنوا اليوم فقيرًا يدخلها عليكم! قال الله تعالى: ﴿وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ﴾ أي: قوة وشدة. وقال مجاهد: ﴿وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ﴾ أي: جد. ﴿وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ﴾ أي: عليها فيما يزعمون ويَرومون. ﴿فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ﴾ أي: فلما وصلوا إليها وأشرفوا عليها، وهي على الحالة التي قال الله ﷿، قد استحالت عن تلك النضارة والزهرة وكثرة الثمار إلى أن صارت سوداء مُدْلَهِمَّة، لا ينتفع بشيء منها، فاعتقدوا أنهم قد أخطئوا الطريق؛ ولهذا قالوا: ﴿إِنَّا لَضَالُّونَ﴾ أي: قد سلكنا إليها غير الطريق فتُهنا عنها. قاله ابن عباس وغيره. ثم رجعوا عما كانوا فيه، وتيقنوا أنها هي فقالوا: ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ أي: بل هذه هي، ولكن نحن لا حَظّ لنا ولا نصيب. ﴿قَالَ أَوْسَطُهُمْ﴾ أي: أعدلهم وخيرهم: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ﴾! =