وتأمل حالهم إذا أطفئت أنوارهم فبقوا في الظلمة، وقد ذهب المؤمنون في نور إيمانهم يتبعون ربهم ﷿. وتأمل قوله ﷺ في حديث الشفاعة (١): «لتتبع كل أمة ما كانت تعبد». فيتبع كل مشرك إلهه الذي كان يعبده، والموحد حقيق بأن يتبع الإله الحق الذي كان كل معبود سواه باطلًا.
وتأمل قوله ﷾ ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)﴾ [القلم: ٤٢] وذكر هذه الآية في حديث الشفاعة في هذا الموضع، وقوله في الحديث:«فيكشف عن ساقه».
وهذه الإضافة تبين المراد بالساق المذكور في الآية، وتأمل ذكر الانطلاق واتباعه سبحانه بعد هذا، وذلك يفتح لك بابًا من أسرار التوحيد، وفهم القرآن ومعاملة الله ﷾ لأهل توحيده الذين عبدوه وحده ولم يشركوا به شيئًا هذه المعاملة التي عامل بمقابلتها أهل الشرك حيث ذهبت كل أمة مع معبودها فانطلق بها واتبعته إلى النار، وانطلق المعبود الحق واتبعه أولياؤه وعابدوه، فسبحان الله رب العالمين الذي قرت عيون أهل التوحيد به في الدنيا والآخرة، وفارقوا الناس فيه أحوج ما كانوا إليهم.
ومنها: أن المثل الأول متضمن لحصول الظلمة التي هي الضلال والحيرة التي ضدها الهدى، والمثل الثاني متضمن لحصول الخوف الذي ضده الأمن فلا هدى ولا أمن ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)﴾ [الأنعام: ٨٢].
(١) البخاري (٤٧٢)، ومسلم (١٨٢، ١٨٣) من حديث ابن عباس ﵄.