وقد أشار النبي ﷺ إلى أن كمال ما يستمتع به من الطيبات في الآخرة بحسب كمال ما قابله من الأعمال في الدنيا. فرأى قنوًا من حشف معلقًا في المسجد للصدقة فقال:«إن صاحب هذا يأكل الحشف يوم القيامة»(١) فأخبر أن جزاءه يكون من جنس عمله فيجزى على تلك الصدقة بحشف من جنسها.
وهذا الباب يفتح لك أبوابًا عظيمة من فهم المعاد وتفاوت الناس في أحواله وما يجري فيه من الأمور المتنوعة.
* فمنها: خفة حمل العبد على ظهره وثقله إذا قام من قبره فإنه بحسب خفة وزره وثقله، إن خف خف، وإن ثقل ثقل.
* ومنها: استظلاله بظل العرش أو ضحاؤه للحر والشمس إن كان له من الأعمال الصالحة الخالصة والإيمان مما يظله في هذه الدار من حر الشرك والمعاصي والظلم استظل هناك في ظل أعماله تحت عرش الرحمن، وإن كان ضاحيًا هنا للمعاصي والمخالفات والبدع والفجور ضحى هناك للحر الشديد.
* ومنها: طول وقوفه في الموقف ومشقته عليه وتهوينه عليه إن طال وقوفه في الصلاة ليلًا ونهارًا لله، وتحمل لأجله المشاق في مرضاته وطاعته خف عليه الوقوف في ذلك اليوم وسهل عليه، وإن آثر الراحة هنا والدعة والبطالة والنعمة طال عليه الوقوف هناك واشتدت مشقته عليه.
(١) إسناده ضعيف: أخرجه النسائي في «سننه» (٢٤٩٣) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله ﷺ وَبِيَدِهِ عَصًا وَقَدْ عَلَّقَ رَجُلٌ قِنْوَ حَشَفٍ فَجَعَلَ يَطْعَنُ فِي ذَلِكَ الْقِنْوِ فَقَالَ: «لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْ هَذَا إِنَّ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ يَأْكُلُ حَشَفًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وفي إسناده صالح بن أبي عريب، مختلف فيه روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله، ولا يعرف روى عنه غير عبد الحميد ابن جعفر. وقال الحافظ: مقبول.