للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بالوحي وزكا عليه وعمل بما فيه كالأرض التي أخرجت نباتها بالمطر؛ فالمؤمن إذا سمع القرآن وعقله وتدبره بان أثره عليه، فَشُبِّه بالبلد الطيب الذي يمرعُ ويخصب ويحسن أثر المطر عليه فَيُنبت من كل زوج كريم، والمعرض عن الوحي عكسه، والله الموفق (١).

* * *


(١) «إعلام الموقعين» (٢/ ٢٥٨ - ٢٥٩)، وانظر: «التبيان في أيمان القرآن» (ص/ ٢٢٦).
قال ابن عاشور: فالمقصود من هذه الآية التّمثيل، وليسَ المقصود مجرّد تفصيل أحوال الأرض بعد نزول المطر؛ لأنّ الغرض المسوق له الكلام يجمع أمرين: العبرةَ بصنع الله، والموعظَة بما يماثل أحواله. فالمعنى: كما أنّ البلد الطّيّب يَخرج نباته سريعًا بَهِجًا عند نزول المطر، والبلد الخبيثَ لا يكاد ينبت فإن أنبت أخرج نبْتًا خبيثًا لا خير فيه …
وفي تفصيل معنى الآية ما أخرجه البخاري (٧٩)، ومسلم (٢٢٨٢)، عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا. فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَت المَاءَ. فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَت المَاءَ. فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ. فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا. وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ. وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى الله الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ».

<<  <   >  >>