يقوم البحث العلمي في الوقت الحاضر، على أسس علمية متعارف عليها، وسأقتصر هنا على جانب واحد منها، وهو جانب مصادر البحث، لما لهذا الموضوع من أهمية كبرى في النتائج التي يصل إليها الباحث في بحثه، ولارتباطه من جانب آخر بموضوع الخط العربي، الذي أصيب بداء التصحيف والتحريف، منذ أول نشأته، بسبب تشابه أكثر حروف الهجاء العربية، واختلاف أماكن النقط وعددها.
لذلك، فإن أي باحث في العلوم الإنسانية، يجب -في رأيي- أن يكون على قدر من الخبرة بتحقيق النصوص، حتى لا يثق في المصدر الذي يعتمد عليه وثوقا مطلقا.
وقد ارتبطت في الأذهان، فكرة تحقيق النص بإعداده للنشر، وليس الأمر كذلك تماما، بل إن أي باحث في الدراسات الإنسانية مطالب بتحقيق النص الذي يستنبط منه نتائج معينة، قبل أن يقدم على استنباط هذه النتائج، وليس من اللازم أن يكون ذلك النص مخطوطا، فكثير من الكتب المطبوعة التي بين أيدينا، لا تفترق كثيرا عن المخطوطات؛ إذ إن الذين تولوا طبعها ونشرها، طائفة من الوراقين وبعض الأدعياء، الذين لا يدرون عن فن تحقيق النصوص شيئا، ولذلك جاءت هذه المطبوعات في كثير من الأحيان مليئة بالتصحيف والتحريف، نصوصها مضطربة مشوشة، تبعد كثيرا عن الأصل الذي كتبه مؤلفوها.
ويعين على عملية تحقيق النص، أن يتعقبه الباحث في مصادره الأولى، ولا يقتنع به في أول مصدر تقع عليه عينه، وبمعنى آخر لا يصح