منيت العربية الفصحى في العصر الحديث، بخصوم حاقدين وأعداء ألداء. وليست تلك الهجمة الضاربة الشرسة على الفصحى، إلا جزءا من الهجوم على الدين الإسلامي الحنيف، فقد فطن أعداء هذا الدين، إلى الارتباط الوثيق بينه وبين اللغة العربية الفصحى، وفي يقينهم أنهم إن أزالوها عن مكانتها الراسخة في القلوب منذ أربعة عشر قرنا. فقد أزالوا الحصن الأكبر من حصون هذا الدين الحنيف، فرموها بكل ما يملكون من أسهم ونبال، واتهموها وما زالوا يتهمون بالصعوبة والتعقيد، وأخذوا يشككون أهلها في قدرة لغتهم على مجاراة العصر، والاتساع للتعبير عن مستحدثات الحضارة، وبذلوا جهدهم في إحلال العامية محلها، بدعوى جمود الفصحى، وانتمائها إلى عصور بادت وانقرضت، وعدم صلاحيتها للحياة وسط هذا الخضم الهائل، من النظريات الفلسفية والاجتماعية والسياسية، التي يموج بها القرن العشرون.
حتى خطها، الذي شرق وغرب، واستحسنته أمم غير عربية، فكتبت به لغاتها، لم يسلم هو أيضا من الطعن فيه، والادعاء بأنه هو سبب تأخر العرب، وبذل الجهود في محاولة تنحيته عن الساحة، وأن يستبدل به الخط اللاتيني، حتى إذا ضاعت اللغة، وضاع الخط العربي، فقد تهدمت آخر حصون الدين الإسلامي، وتحطمت أقوى قلاع هذا الشرع الشريف.
وقد قاد هذه الحملة الشرسة أقوام من المستشرقين، وتعاون معهم ذيولهم في الوطن العربي، ممن يتسمون بأسماء عربية: سلامة موسى، وعبد العزيز فهمي، وأنيس فريحة، وسعيد عقل، وغيرهم، وما لهم من العروبة إلا