[الفصل الثاني: نظرية المحاكاة الصوتية ومناسبة اللفظ للمعنى]
يحاول بعض العلماء أن يفسر لنا نشأة اللغة الإنسانية، بما يسمى بنظرية "المحاكاة الصوتية" Onomatopoeia، وقد عرض لهذا الرأي من علماء المسلمين، العلامة ابن جني في كتابه "الخصائص" فقال١: "وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغة كلها، إنما هو الأصوات المسموعات، كدوي الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء، وشحيح الحمار، ونعيق الغراب، وصهيل الفرس ... ونحو ذلك. ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد".
وقد ارتضى "ابن جني" هذا الرأي، فقال معقبا عليه:"وهذا عندي وجه صالح، ومذهب متقبل".
ومما قد يؤيد هذه النظرية، ما قد نجده في بعض الأحيان، من اشتراك بعض الأصوات في الكلمات التي تحاكي الطبيعة في عدة لغات، فإن الكلمة التي تدل على الهمس، هي في العربية كما نعرف:"همس"، وفي الإنجليزية: whisper وفي الألمانية Flustern وفي العبرية Safsaf صفصف، وفي الحبشية: Fasaya فاصي، وفي التركية Susmak، فالعامل المشترك بين هذه اللغات جميعها في تلك الكلمة، هو: صوت الصفير السين أو الصاد، وهو الصوت المميز لعملية الهمس في الطبيعة.